التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُولَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ
٣٩
يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ
٤٠
-البقرة

تيسير التفسير

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا } فى قلوبهم أى بها بآياتنا { وَكَذَّبُوا بِآيَٰتِنَا } فى ألسنتهم، وهى القرآن وسائر كتب الله العظيم، وهى آيات أى علامات على وجود الله، وكمال قدرته وصدق الأنبياء، ويدخل فى الأول من أنكر الله، أو سميت الآية لأنها علامة على معناها، أو لأنها جماعة حروف وكلمات، خرج القوم بآياتهم أى بجماعتهم، أو لأنها علامة على الانقطاع عما قبلها وعما بعدها، باعتبار والتمام لا باعتبار المعنى، لأن المعنى كثيراً ما يتم بآيتين أو آيات، أو لأنه يتعجب من إعجازها يقال فلان آية من الآيات { أُولَٰئِكَ أَصْحَٰبُ النَّارِ } ملابسوها { هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ } لا تفنى ولا يفنون، ولا يخرجون، خاطب الله مشركى العرب ومنافقتهم، وقد يكون الخطاب على عموم الناس، ثم خاطب اليهود خصوصاً فقال:
{ يَٰبَنِي إِسْرَاءِيلَ } عبد الله يعقوب، واللفظان عبريان، أو أسر القوة أى قوة الله، أو أسرى ليلا مهاجراً إلى الله، أو أسر جنيّاً لوجه الله كان يطفىء سراج بيت المقدس، وعلى الثلاثة إبل لفظ عبرى، معناه الله، وما قبله عربى كما قيل فى تلمسان تلم بمعنى تجمع، عربى، وسان اثنان بلغة البربر، أى جمعت حسن البر والبحر أو اتفقت اللغتان العربية والعبرية، وقيل إسر صفوة، أو إنسان، أو مهاجر والمراد بنو إسرائيل الموجودون حال نزول الآية { اذْكُرُوا نِعْمَتِي } اذكروها فى قلوبكم لتشكروها بتعظيم القلب ومدح اللسان وعمل الجوارح، ولا تكتفوا بمجرد حضورها فى القلب واللسان { الَّتِي أَنْعَمْتُ } أنعمتها. أى أنعمت بها، أو ضمن معنى أثبت، وقد أجيز حذف الرابط بلا شرط إذا علم، وهى النتيجة من فرعون، وفرق البحر والإحياء بعد موت، وتظليل الغمام، والمن والسلوى، والعفو، وغفران الخطايا، والتوراة والماء من الحجر، والصحف مجموعهن نعمة، تتضمن نعماً، أو الإضافة للحقيقة أو النعمة اسم مصدر أى اذكروا إنعامى بذلك، وذلك لآبائهم، وما كان فخراً لآبائهم فهو فخر لهم، كما أنه نسب إليهم ما فعل آباؤهم من السوء لرضاهم عنهم مع السوء من قولهم سمعنا وعصينا، وأرنا الله جهرة، ولن نصبر على طعام واحد، واتخاذ العجل وتبديل الذين ظلموا وتحريف الكلم، والتولى بعد ذلك، وقسوة القلب والكفر بالآيات، وقتل الأنبياء. { عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي } ما عهدت إليكم من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم أخذه من موسى، وأخذه موسى عليكم، قال الله جل وعلا: ولقد أخذ الله ميثق بنى إسرائيل، إلخ. والعهد إنزال نبوءته ورسالته صلى الله عليه وسلم فى التوراة { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } بما عهدته لكم من الجنة على الوفاء بعهدى { وَإِيَّٰيَ } ارهبوا، يقدر العامل هكذا، مؤخرا للحصر، أى خافونى وحدى على ترك الإيفاء بعهدى، والشاغل الياء المحذوفة فى قوله { فَارْهَبُونِ } فى جميع أحوالكم، وفى نقض العهد، وفى أن تنزل نعمة عليكم كآبائكم، وكأنها مذكورة، إذ وجدت نون الوقاية المكسورة لها والفاء الفاصلة للتأكيد، أو يقدر إياى ارهبوا، تنبهوا فارهبون، وعليه فحذف ارهبوا الله دلالة عليه لا على رسم الاشتغال، والرهبة الخوف أو مع التحرز.