التفاسير

< >
عرض

بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَآ أنَزَلَ ٱللَّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٩٠
-البقرة

تيسير التفسير

{ بِئْسَمَا اشْتَرَواْ } استبدلوا { بِهِ أَنْفُسَهُمْ } أو باعوها باختيار الكفر، أو اشتروا أنفسهم فى زعمهم من العذاب بتصلبهم فى دينهم، جازمين، ولو عرفوا ما جاء صلى الله عليه وسلم به، كما قال الله عز وجل " { فلما جاءهم ما عرفوا } " [البقرة: 89] { أَنْ يَكْفُرُواْ } مخصوص بالذم، أى كفرهم { بِمَا أَنْزَلَ اللهُ } من القرآن، والكفر ماض غير مستقبل لكن قال، أن يكفروا لاستحضار الأمر الماضى بمنزلة المستقبل المترقب ليشاهد ويعاين، وإنا قلت ذلك، لأن المضارع المنصوب للاستقبال، وهذا أولى من أن يقال المضارع هنا للحال، ليكون الأمر كالمشاهد وأنه لم تخلصه أن للاستقبال { بَغْياً } طلباً لما ليس لهم، أى حسداً أو ظلماً، تعليل ليكفروا، أى أيكفروا لأجل البغى، أو تعليل لاشتروا، ولو فصل، لقلة الفاصل، أو ذوى بغى، أو باغين، ووجه تعليقه باشتروا أن المعنى على ذم الكفر الذى أوثر على الإيمان بغياً، لا على ذم الكفر المعلل بالبغى، وأيضاً إبدال أنفسهم بالكفر هو لمجرد العناد الذى هو نتيجة البغى والحسد، كأنه قيل، بئس استبدال أنفسهم بالكفر لأجل محض الحسد { أَن يُنَزِّلَ اللهُ } على أن ينزل الله الوحى أو لأن ينزل على أنه تعليل لبغيا { مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } حسدوا محمداً على رسالته صلى الله عليه وسلم، إذ كان من العرب، ومن ولد إسماعيل، ولا منهم، ولا من ولد يعقوب أو نبى من أنبيائهم { فَبَاءُو بِغَضَبٍ } هو هذا الكفر { عَلَى غَضَبٍ } استلحقوه من قبل، لتضييع التوراة، والكفر بعيسى والإنجيل، وقولهم عزير بن الله، ويد الله مغلوله، ونحو ذلك، والكفر بالإنجيل أو بعيسى، والثانى الكفر بالقرآن، أو به صلى الله عليه وسلم { وَلِلْكَٰفِرِينَ } مثل الكافرين فى الآية قبل { عَذَابٌ مُّهِينٌ } بذل، جوزا بما حاولوا من أن يذلوا المسلمين، بدعوى فضلهم عليهم، والمُذِلّ الله، وأسند لإدلال إلى المسبب.