التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
٩٤
-البقرة

تيسير التفسير

{ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ } الجنة نفسها ونعيمها، وليست الدار الآخرة انقضاء الدنيا، بل انقضاؤها اليوم الآخر، والنار أيضا دار آخرة، والعهد والسياق ينفيان إرادتها { عِنْدَ اللهِ } فى حكمه أو عندية شرف { خَالِصَةً } لم يشبها النقض بثبوت بعضا لغيركم، بمعنى صافية حقيقة، أو خاصة بكم مجازاً { مِّنْ دُونَ النَّاسِ } كما قلتم، لن يدخل الجن إلا من كان هوداً، أو نحن أبناء الله، ولن تمسنا النار... إلخ، ولم يخلق الله الجنة إلا لإسرائيل وبنيه، ثم إما أن يريدوا بالناس سائرهم بعد الخاصة، فيستثنون إبراهيم وإسحق ويعقوب ونحوهم. ومن دعواهم الباطلة أن هؤلاء يهوديون، ويستثون أيضا آدم ونوحاً ونحوهما ومن مات قبل اليهودية، وإما أن يعموا ولا يستثنوا هؤلاء ولا غيرهم، لأن من شأنهم إنكار ما عرفوا من الحق واعتقدوه، كما أنكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعيسى والقرآن والإنجيل؛ وكثيرا من التوراة مع معرفتهم بهم، وكما قالوا " { ما أنزل الله على بشر من شيء } " [الأنعام: 91] ولما أن يريدوا النبى صلى الله عليه وسلم والمسلمين من أمته. { فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ } فى دعوى اختصاص الجنة بكم؛ فإن لم أيقن بذلك يحب الإفضاء إليها من دار البؤس والأكدار، والمسلمون ولو لم يتمنوا الموت لكنهم لا يخصصون أنفسهم بها، بل يقولون، هى لكل مؤمن من الأمم، والأمر بالتمنى سبب من دعواهم، وذلك نقيض التالى، هكذا لو اختصصم بها لتمنيتم الموت لكنكم لا تمنونه، فليست مختصة بكم، وتمنى ما يختص بك أعظم من تمنى ما شوركت فيه، وقد تمناه من صدق فى دعواه، كقول عمار: غداً نلقى الاحبة محمداً وأصحابه، وحذيفة إذ قال، مرحباً يجيب جاء على فاقة، وقوله صلى الله عليه وسلم فى قتلى بئر معونة: "يا ليتني غودرت معهم في لحف الجبل" ، وعبدالله بن رواحة، يا حبذا الجنة، واقترابها طيبة، وبارد شرابها، والروم روم قد دنا عذابها.