التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً
١٠٢
-طه

تيسير التفسير

{ يَوْم يُنْفخ فى الصُّور } بدل من يوم القيامة، أو بيان أو مفعول به لمحذوف، أى اذكر قيل، أو ظرف ليتخافتون، وهو ضعيف للبعد مع التقديم، ولزوم تقديم ما بعد العاطف عليه، إذا جعل يتخافتون حالا من المجرمين والعاطف وأو قوله: { ونحشر } أو متعلق بمحذوف حذف لضيق الكلام عن الحصر، أى يكون كذا وكذا يوم ينفخ في الصور، والمراد نفخة البعث، والصور القرن الذى ينفخ فيه إسرافيل لا نفخة الفزع ولا نفخة الموت لقوله عز وجل:
{ ونحْشرُ المجرمينَ يومئذٍ } أى يوم إذ نفخ، وأعاد ذكر اليوم مع أن الحشر لا يكون الا بعد النفخ لزيادة التغرير والتهويل، وأجيز أن يكون الصور جمع صورة بإسكان الواو أو اسم جمع على الخلاف فيما واحده بالتاء، يدل له قراءة فى الصور بضم الصاد وفتح الواو كغرفة وغرف { زرُقْاً } جمع أزرق، والمراد زرقة البدن لا خصوص العين، ولا يزرق إلا للشدة وزوال الرطوبة، وعن ابن عباس زرق العيون، والزرقة تطلق على الإنسان، ولو كانت فى عينه فقط كما يقال: أعمى وأكحل وأحول، ولو كان ذلك فى العين فقط، وذلك مجاز مشهور، أو حقيقة عرفية، وجعلوا زرقاً لقبح الزرقة، والعرب تبغضها، وأشد عداوة للعرب الروم، ولذلك قالت العرب فى وصف العدو: أسود الكبد أصهب السبال أزرق العين قال شاعر:

وما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفى سبنتى أزرق العين مطرق

وقال:

لقد زرقت عيناك يا ابن مكعبر ألا كل ضبى من اللوم أزرق

ويوم القيامة حالات وفيه أنواع: ففيه قوم عمى، وقوم زرق، وتارة يكون الواحد أزرق، وتارة أعمى، وبذلك يجمع بين قوله تعالى: { زرقاً } وقوله: { عمياً } أو يفسر زرقاً بعمياً، لأن العين إذا ذهب نورها زرق ناظرها، أو يحشرون عطاشاً، والعطش الشديد يغير العين الى الزرقة، قال الله تعالى: " { ونحشر المجرمين الى جهنم ورداً } " [مريم: 86].