التفاسير

< >
عرض

يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً
١٠٨
-طه

تيسير التفسير

{ يومئذٍ } يوم إذ نسفت والماضى بمعنى المضارع لتحقق الوقوع، أو إذ للاستقبال هنا، وهكذا حيث يصلح أى يوم إذا ننسف، وذلك من إضافة العام، وهو يوم اى وقت الى الخاص، وهو إذا بمعنى وقت مقيد بالسيف، ويومئذ متعلق بقوله: { يتَّبعون الدَّاعِى } أو بدل من يوم القيامة، مع كثرة الفصل، وتعطل يتبعون الداعى عما قبله، وعدم التعطل، وعدم كثرة الفصل اولى، وكذلك لا يصار الى الاستئناف، مع إمكان عدمه بلا تكلف ولا ضعف، كما أنى لم أذكر الاستئناف فى قوله عز وجل: " { لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً } " [طه: 107] وقد ذكروه، والواو عائد الى الناس مطلقا، والداعى إسرائيل فى الصور على صخرة بيت المقدس: أنها العظام البالية، والجلود المتمزقة، واللحوم المتفرقة، هموا الىالعرض على الرحمن، ويقبلون الى جهة الصوت من كل موضع، فى ظلمة تطوى السموات، وتناثر النجوم، ويذهب القمر والشمس.
{ لا عِوجَ لَهُ } لا ميل لأحد عن ذلك الداعى، واللام بمعنى عن، أو على أصله كما يقال لا عصيان له، ولا ظلم، أى لا يعصى ولا يظلم، بالبناء للمفعول بمعنى لا يوجد له من يتبع صوته، أو الهاء للدعاء، أى لا يميل دعاءه عن أحد، فيبقى بلا مجىء أو بلا سماع، أو للداعى على معنى لا عوج له، وقيل: المعنى لا شك فى وقوع ذلك الدعاء.
{ وخَشَعت الأصواتُ للرَّحمْن } خفيت لمهابته وقت الهول، شبه خفاء الصوت بالذل المسمى خشوعاً لجامع انتفاء الترفع، فسماه باسمه، واشتق منه خشعت على التبعيه، وذلك مجاز لغوى، وهذا أولى ويجوز المجاز الحذفى لن يقدر خشعت أصحاب الأصوات، ومع شدة الهول ذكر اسمه الرحمن للإيناس { فَلاَ تَسْمَع } الخطاب مثله فى ترى { إلاَّ همساً } صوت خفيا او كلاما خفيا كقراءة ابى فلا ينطقون إلا همسا، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: تحريك الشفة بلا نطق، يصح عنه إذا لا صوت فيه يسمع إلا أن ضمن تسمع معنى تشاهد، وعنه خفق الإقدام في المشى الى المحشر، وهم سكوت كقوله:

وهن يمشين بنا هميسا

ويقال للاسد: هموس لخفاء وظئه الأرض.