التفاسير

< >
عرض

تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى
٤
-طه

تيسير التفسير

{ تَنْزيلا } مفعول مطلق لأنزلنا المذكور، ولو اختلف وزن التفعيل والأفعال، والمعنى واحد هنا، أو لمحذوف أى أنزلنا تنزيلا أو مفعول به ليخشى، ولو اختلفا بأن أحدهما آخر آية، الآخر أول آية، وليس المعنى يتم فى كل آية على حدة، وكم آية تم المعنى آية بعدها، ولا يضرنا أن تعليق الخشية بمطلق التنزيل غير معبود، ولا يخفى حسن أن قال: " { إلاَّ تذكرة لمن يخشى } " [طه: 3] المنزل من قادر قاهر، كما قال:
{ ممَّن خَلق الأرض والسَّماوات العلى } فإن هذا متعلق بتنزيلا. ويجوز جعله نعتاً لتنزيلا المنكر للتعظيم، أى تنزيلا عظيماً من عظيم قادر على السماوات والأرض، وهو على طريق الالتفات من التكلم إلى الظاهر، ليصف نفسه بخلق الأشياء العظيمة، ولم يذكر ما فيهما لتبعية ما فيهما لهما كما قال:
" { له ما فى السماوات وما فى الأرض } " [طه: 6] وقيل المراد وما فى جهة السفل والعلو، فشمل ما فيهما، والعرش والكرسى والأرض أرضون، وقدم الأرض لتقدمها فى الخلق لقوله تعالى: " { أإنكم لتكفرون بالذى } " [فصلت: 9] الآية، وقوله عز وجل: " { الذى خلق لكم ما فى الأرض } " [البقرة: 29] والأظهر لكون السماء أشرف أن تخلق أولا، كما خلق روحه صلى الله عليه وسلم، ونوره أولا لشرفهما.
فنقول: ثم للترتيب الذكرى، فنتحصل على قوله تعالى:
" { والأرض بعد ذلك دحاها } " [النازعات: 30] لكن لا يبعد جعل بعد للترتيب الذكرى، كما تقول زوجتك وأنعمت عليك، وبعد ذلك ولدتك وربتك، إلا أنه أبعد من جعل ثم للترتيب الذكرى أو يقال ذكر تقديم السماء باعتبار تقديم مادتها خلقاً وأخرت باعتبار تصويرها، وكذا الأرض بحسب المقامات، فيجمع بذلك بين الآيات، أو قدمت الأرض هنا لأن الأرض أظهر فى الإنعام للخلق لظهور الرحمة، فيها ولأنا خلقنا منها، ولا سيما إذا جعلنا لفظ قوله: "ها" من قوله تعالى: " { منها خلقناكم } " [طه: 55] ضمير الأرض، ويجوز أن يكون الأرض شاملا لسبع أرضين، ومع هذا ينتفع بالعليا منهن، وهى هذه، والعلى نعت للسماوات وحدها جمع العليا، وعظم المنزل بما ذكر، وبما بعد ذلك الى قوله تعالى: " { له الأسماء الحسنى } " [طه: 8].