التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ
٣٦
-الأنبياء

تيسير التفسير

{ وإذا رآك الَّذين كَفَروا } أشركوا وقوله: { إنْ } أى من { يتَّخذُونكَ إلاَّ هُزُواً } حال من الذين أو الكاف وهزء مفعول ثان بمعنى ذا هزء، أو نفس الهزء، أو بمعنى مهزوء به، حصر اتخاذهم إياه على الهزو أى لا يجاوز اتخاذهم إياك الهزء، وقيل: المعنى ما يفعلون بك إلا اتخاذك هزءاً، وهو تفسير معنى لا صناعة، وجواب إذا قول محذوف عامل فى قوله: { أهذا الذى يذْكُر آلهتَكُم } تقديره قالوا: اهذا الذى، وليس الجواب أن يتخذونك إلا هزءاً لأنه لا يصلح شرطاً فلا بد فيه من الفاء لو كان جواباً كسائر أجوبة، إذا فى القرآن وغيره على الأصل، ومتى لم يقرن ما يتوهم أنه جواب، قدر جرياً على الوارد كقوله تعالى: { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم } [الجاثية: 25] كسائر أدوات الشرط، فلا تخص إذا بجواز عدم الفاء كما قال بعض، مع أنه لو جعل { إن يتخذونك إلأ هزواً } جوابا لم يجز على معنى القول فى قوله: { أهذا الذى } بل لا بد أن يقدر قول معطوف على أن يتخذونك أى، ويقولون أو حال أى قائلين إن يتخذونك، أو ضمن هزءاً معنى القول، فينصب أهذا الذى إلخ.
وإذا كان كذلك فتقديره جوابا، أولى لسلامته من شذوذ ترك الفاء، ومن حذف العاطف والمعطوف، والاستفهام إنكار وتعجب عاملهم الله بعدله، والمراد يذكر آلهتكم بالسوء، ولم يذكر بالسوء لأنه معروف إذا هو صلى الله عليه وسلم عدوّ لها ولهم، أو ضمن الذكر معنى العيب، أى أهذا الذى يعيبها، وكذا يقال فى قوله عز وجل:
" { سمعنا فتى يذكرهم } " [الأنبياء: 60] وحذفوا السوء أو ضمنوه هزواً تأدباً مع آلهتهم.
{ وهُم بذكْر الرَّحْمن هُم كافرون } حال من ضمير القول المقدر، والمعنى أنكروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر آلهتهم بالسوء، مع أنها لا تنفع ولا تضر، والحال أنهم يذكرون الله بالجحود أو بالشركة، مع أنه لا نفع ولا ضر إلا منه، وأنه المعروف بغاية الرحمة، أو حال من واو يتخذونك، وكرر قوله هم تأكيدا بإشهارهم فى السوء، وهو توكيد لفظى للأول، وكافرون خبر للأول وقيل ذكر بمعنى القرآن أو التوحيد أو الوعظ والإرشاد بالرسل والكتب، أو ذكر رحمن ذكر لفظ الرحمن إذ قالوا ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، وفيه ضعف، والأولى ما تقدم أولاً.
مَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبى سفيان وأبى جهل بتحدثان، وضحك أبو جهل وقال: هذا نبى بنى عبد مناف فغضب أبو سفيان فقال: ما إنكارك أن يكون لبنى عبد مناف نبى، فوقع صلى الله عليه وسلم فى أبى جهل وشتمه وخوفه، وقال:
" ما أراك منتهياً حتى يصيبك ما أصاب عمك الوليد بن المغيرة" وقال لأبى سفيان: " "ما قلت ذلك إلا حمية" نزلت الآية فى ذلك على ما قيل.