التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ
٦٥
-الأنبياء

تيسير التفسير

{ ثم نُكِسُوا } النكس قلب الشىء حتى يصير أعلاه أسفله، وذلك مجز عن ذكر الرأس فقوله: { عَلَى رءوسِهِم } تأكيد أو جود النكس من بعض معناه، فتم بقوله على رءوسهم، وقد يستعمل النكس لغة بمعنى مطلق لقب الشىء من حال الى حال، فيذكر الرأس للتصوير والتقبيح، والمراد إما الرجوع عن الجدل معه بالبطل، إذ قالوا من فعل الخ، وقالوا أأنت الخ الى الجدال عنه بالحق إذا قالوا { لَقَد علمْت } يا ابراهيم { ما هؤُلاءِ ينْطِقُون } أصبت فى أنهم ليسوا آلهة، إذ لا يعقلون، ولا قدرة لهم على شىء ما، وهذا حق فتسميته نكسأً على معنى مجرد تقلب حال الى أخرى، أو باعتبار أنهم مع هذا القول منهم ما اعتقدوا حقاً، بل رجعوا عنه الى عبادتها، وأما الرجوع عن الكفر الصحيح بأنها لا تستحق العبادة لعجزها الى عبادتها عناداً وتقليداً، وإما المبالغة فى إطراق الرءُوس خجلا، حتى كأنهم منكوسون.
فقولهم: { لقد علمت } الخ جواب عاجز متحير فانه حجة عليهم، وقد يكون كناية عن مبالغة الحيرة، وانخزال الحجة، ولو نطقوا تحقيقاً بقولهم، لقد علمت الخ، وأما الرجوع عن قولهم انه غضب لعبادة الصغار معه، فكسرها الى قولهم انها لا تنطق، أى لا تعقل وإما النكس فى الرأى، وإما أن يراد بالرءوس الرؤساء بأن ردت السفلة منهم على رؤسائهم فى عبادتها، وعنفوهم عليها، وما مر أولى، والكلام استعارة تمثيلية، والجملة محكية بنكسوا لتضمنة معنى القول، أو منصوبة بقول مقدر، أى قائلين: { لقد علمت ما هؤلا ينطقون }.