التفاسير

< >
عرض

فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ
٩٠
-الأنبياء

تيسير التفسير

{ فاسْتَجَبنا له } دعاءه { ووهَبْنا له يحيى، وأصلحنا له زوجه } للمعاشر بتحسن خلقها، وكانت سيئة الخلق، طويلة اللسان رضى الله عنها، أو برد شبابها بعد أن كبرت، أو بالولادة وكانت عاقراً، وعلى الأول العطف على استجبنا، لأنه لم يدع بتحسين خلقها، أو على وهبنا فلزيادة إصلاحها على مطلوبه كان بالواو لا بالفاء التفصيلية، وقدم هبة الولد لأنه مطلوبه الأعظم، وهو لا يتوقف على إلاصلاح خلقها، وإن أريد بالإصلاح إزالة العقم، فالمراد أردنا هبة يحيى له وأصلحنا له زوجه للولادة، ويضعف ما قيل من أن المراد وهبنا لمجرد امتناننا، لأن المتبادر أنه إجابة لدعائه، والعطاء بعيد الإجابة أشد امتناناً، والداعى الى هذا الضعف أنه قال: { ووهبنا } ولم يقل فوهبنا، قلت: لا تنس أن المعطوف بغير الفاء على مدخول الفاء ينسحب عليه حكم الفاء.
{ إنَّهم } أى الأنبياء المذكورين، لأن العموم زيادة فائدة، ولأن فيه السلامة من اتمام الثلاثة بمؤنث جىء به من عرض لا لذاته اللازم في تفسير الضمير بزكرياء وزوجه ويحيى، وهذا تعليل جملى لمحذوف، أى فعلنا بهم ذلك، لأنهم الخ أو استئناف لتعظيمهم { كانُوا يُسارِعُون فى الخيرات } الى الخيرات كقوله سبحانه:
" { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } " [آل عمران: 133] وتفسير القرآن بعضه ببعض أولى من تجديد معنى آخر كتضمين يسارع معنى يرغب، فيقتدى بفى ما لم يترجح المعنى الآخر لدليل، أو يتعين ولا داعى الى كونها للتعليل لضعف معناه هنا سواء قلنا الخيرات العبادات أو ثوابها، أو المراتب إذ يقدر ما يسارع به، والأصل عدم الحذف إذا أغنى عنه المذكور.
{ ويدْعونَنا رغباً } فى نعمنا وقبول الأعمال { وَرَهباً } من نقمنا، ورد الأعمال، ويروى أن الدعاء رغبة ببطون الأكف، ورهبة بظهورها والنصب على التعليل، وأى داع الى جعلهما حالين بتقدير مضاف أى ذوى رغب، أو للمبالغة أو بتأويهما بالوصف، أو الى جعلهما مفعولين مطلقين كقولك: قمت وقوفاً، وعطف الجملة على يسارعون فيتسلط قيل عليها الكون، فهذا الدعاء من توابع تلك المسارعة، ولو عطفت على كانوا الخ لم يفد ذلك، وفيه أنه لا يلزم من قولك: كان زيد يطعم الفقراء، ويقرأ أن اطعامهم يستلحق القراءة، بل العطف على يسارعون للمرافقة فى المضارعة والتجدد { وكانُوا لنا خاشعين } منقادين لنا، خائفين.