التفاسير

< >
عرض

حُنَفَآءَ للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ
٣١
-الحج

تيسير التفسير

{ حُنَفاء لله } مائلين لوجه الله أو الى دين الله عن كل دين وكل معية { غير مشركين به } شيئا بعبادة أو رياء، ونحوهما مما خرج عن الإخلاص كالأكل بالدين، وغير حال من واو فاجتنبوا أو واو واجتنبوا { ومنْ يُشْركَ باللَّه } أظهر بيانا لقبْح الشَّرك { فكأنَّما خرَّ من السَّماء } أحدى السموات السبع أو عال سقط منها، وهذا تشبيه للإيمان بالسماء لعظم شأنه، والإشراك بالحضيض والأوهد لخسته، عقلا وشرعا وذلك بالارتداد أو الخروج عن إقرار يوم ألست بربكم، وعن الفطْرة إذ كل مولود يولد على الفطرة، أو الإيمان المقدور عليه جدا، حتى كأنه وقع وخرج عنه.
والاستعارة إما تمثيلية فهى مركبة، كأنه قيل: من أشر ك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده، بأن صور حاله بصورة حال من خر من السماء، فاختطفه الطير، فتفرق قطعا فى حواصلها أو عصفت به الريح حتى هوت به فى بعض المهالك البعيدة، وإما إفرادية بأن شبه الإيمان فى علوه بالسماء، والذى أشرك بالله بالساقط من السماء والأهواء المردية بالطير المختلطة، والشيطان الذى هو يوقعه فى الضلال بالريح التى تهوى بما عصفت به فى بعض المهاوى المتلفة.
{ فتَخْطَفُهُ الطَّيْر } تأخذه بسرعة للأكل، والأصل فتخطفه قلبت التاء طاء فأدعمت فى الطاء، والمضارع لاستحضار الحال العجيب كما فى قوله سبحانه: { أو تَهْوى به الرِّيح } والأصل فاختطفه الطير أو هوت به الريح بصيغة الماضى كما قال خر { فى مكانٍ سَحيقٍ } بعيد يموت فيه جوعا وعطشا، أو بأكل السباع إن لم يمت بالسقوط، والشيطان المضل كالريح المهوية، والباء للتعدية أى تهوية الريح، وأو للتخير شبهه بالخار من السماء، أو بمن تهوى به الريح، أو للتنويع نوع لا يرجى خلاصه، كمن أكلته الطير، ونوع يرجى وهو الساقط، ونوع شاك ينتقل من كفر الى كفر، كمن توزعته الطير، وكلما أخذ طائر قطعة نازعه آخر فيها، ونوع مصمم معجب بما هو فيه،كمن سقط فى مكان بعيد، واستقر فيه، والهلاك جامع لذلك، والكلام على فرض قدرة الطير على ذلك، لأن الكلام تشبيه لا تحقيق، أو على فرض طير كبار، أو هى كذلك بين السماء والأرض لا نراها لبعدها، ولا تنزل للأرض.