التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ
٤١
-النور

تيسير التفسير

{ ألم تر أنَّ الله يُسبِّح له من فى السماوات والأرض والطَّيْر صافات } الاستفهام تقرير بما وقع، وهو أنه صلى الله عليه وسلم عالم بالوحى قبل نزول الآية، أو بالمكاشفة بأن من فى السماوات والأرض والطير تسبح له تعالى، أو الخطاب لمن يصلح على العموم، أوله صلى الله عليه وسلم، والمراد جميع المكلفين، وعليهما فالتقرير بما يشاهدون ويفهمون من الأحوال، والرؤية بمعنى العلم استعارة من الأبصار بالعين، لعلاقة الادراك، او مجاز مرسل لعلاقة اللزوم، أو التسبب وقيل حقيقة فى الآية جمع بين الحقيقة والمجاز، إذ جمعت التسبيح بالألسنة والتسبيح بغيرها مما يعلمه الله من الجمادات، أو من حيوانات لا تسبح بلسانها. أو جمعت التسبيح بالنطق، وبلسان الحال، وذلك على أن من فى الآية مستعملة لغير العقلاء معهم، تغليباً، ويجوز أن يراد عموم المجاز، وهو الخضوع الموجود فى تسبيح اللسان وغيره، وإن أريد بمن العقلاء فقط، فالتسبيح حقيق، فيقدر للطير عامل مجازى، أى ويسبح الطير، وإن كان تسبيحها كما ورد فى بعض فتسبيحها داخل فى تسبيح العقلاء أعنى أنه لا يقدر عامل، وصافات واقفة فى الجو، أى من شأنها، ولا يختص التسبيح بحال كونها صافات، وفيها دلالة عظيمة على قدرة الله تعالى، إذ تقف فى الهواء، وتجرى فيه بقبض الأجنحة وبسطها، مع أنها أجسام ثقال.
{ كلٌ } ممن فى السماوات والأرض والطير، وخص الطير هنا وفيما قبل لأنها ليست فى الأرض، بل فى الجو، ولو كانت فى جهة الأرض، لكنها من الأرض، وتسكن فيها فبهذا الاعتبار خصها مع أنها مما فى الأرض لتميز شأنها بالتصرف فى الهواء، وفيه أيضاً طير خلقت فيه، ولا تصل الأرض، وقيل: كل واحد من الطير { قَدْ علم } الله { صلاته } صلاة كل واحد له تعالى، أى عبادته له أو دعاءه.
{ وتَسْبيحه } تسبيح كل واحد له تعالى، وهذا أوفق للأصل، وهو إضافة المصدر لفاعله، وموافقة صلاته فى ذلك لاضافته، للفاعل ولو رجعنا الضمير فى تسبيحه لله وحذفنا ضمير الفاعل لخالف ذلك، ويجوز عود ضمير علم الى كل واحد مما ذكر، بمعنى أنها تصلى وتسبح، وهى تعلم انها تفعل ذلك، ولست خالقا لها على نوع صلاة وتسبيح طبعا لا تعلم به.
{ واللهُ عَليمٌ بما يفْعَلون } بما يفعل من فى السماوات والأرض والطير، كما علم صلاتهم وتسبيحهم.