التفاسير

< >
عرض

وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ
٢٢٤
-الشعراء

تيسير التفسير

{ والشعراءُ } الهاجون بشعرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كبعد الله بن الزبعرى السهمى، وهبيرة بن وهب المخزومى، ومسافع بن عبد مناف، وأبى عمرو بن عبد الله الجمحى، وأميه بن أبى الصلت الثقفى، وروى أن رجلين تهاجيا وأحدهما من الأنصار، ومع كل واحد غواه قومه، فنزلت الآية، قال صلى الله عليه وسلم: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير من أن يمتلئ شعراً" { يتَّبعُهم الغَاوُون } الضالون عن الصواب، ومن ضلالهم رواية شعر الشعراء، والابتهاج به، واستحسانه، ولو كان باطلا، وإن لم يروه.
وقيل: الشياطين ولا بأس بروايته لتعلم العربية، فليس القرآن شعراً كما تزعمون، ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم شاعراً ولا تابعاً لشاعر، ولا أتباعه غاوون، وهو أبعد الناس عن الشعر، ولا يقدر أن يحكم بيتاً واحداً عن غيره موزوناً، وما كان فى القرآن موزوناً فقد علم الله به، وأنزله على أن يقرأ نثراً، ولا يتفطن له صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى:
" { ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين } "[التوبة: 14] كبيت من الوافر، وقوله تعالى: " { ولا تقتلوا النفس التى حرم الله } "[الأنعام: 151، الإسراء: 33] كشطر بيت من الطويل، وقوله عز وجل: " { إنَّ قارون كان من قوم موسى } "[القصص: 76] كشطر بيت من الخفيف، وقوله سبحانه: { فأصبحوا لا تُرى إلا مساكنهم } كشطر بيت من البسيط، وقوله عز وجل: " { ألا بعداً لعاد قوم هود } "[هود: 60] كشطر بيت من الوافر، وقوله تبارك وتعالى: " { صلوا عليه وسلموا تسليماً } " [الأحزاب: 56] كشطر بيت من الكامل، وليس قول المشركين إنه شاعر قصداً لهذه الآيات، بل كان بهتاً وتشبيها فى دقة المعنى، أو فى تخيل الشىء فى كلام الشعراء بلا تحقق، ويزعمون ان القرآن مخيل وأوهام.
وروى: أن عائشة كانت فى عرس، ولما رجعت قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"هل قلت شيئاً؟" قالت: نعم. قلت:

أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم
ولولا العجوة السوداء لما كنا بواديكم

فقال صلى الله عليه وسلم هلا قلت:

ولولا طاعة الرحمن لما كنا بواديكم

يقرؤه نثراً.