التفاسير

< >
عرض

فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ
١٩
-النمل

تيسير التفسير

{ فتبَسَّم ضَاحكاً من قَوْلها } شارعا فى الضحك أو مقدرا الضحك، وهما متنازعان فى من قولها، وناسب جانب السرور قوله: { قال } سروراً بأدبها إذ قالت: " { وهم لا يشعرون } "[النمل: 18] وباهتدائها الى مصالح قومها، وذلك القول المذكور بعد دخول مساكنهن، قيل: أحست بالجنود فأمسك فى الأرض وفى البساط، لئلا يذعرن، ولما دخلن قال { ربِّ أوْزعنى أن أشْكُر نعْمتَك التَّى أنْعَمت علىَّ وعَلى والدىَّ } اجعلنى وازعا شكر نعمتك، أى كافله ان يذهب، أى موفقا لى على أن أشكر، ورابط التى محذوف أى أنعمت بها، لأن التحقيق جواز حذف الرابط بلا شرط، إذا فهم المراد، وذكر نعمة أبيه وامه فى مقام الشكر، لأن النعمة على الوالدين نعمة على الولد، لأنهما يؤديانه الى الخير وبالعكس، لنفع الولد والديه فى حياتهما وموتهما، والأول أوفق للشكر.
{ وأن أعْمل صالحاً } عملا صالحا { ترْضاه } تقبله لصحته، وهو الشكر بعمل الجوارح، بعد الشكر باللسان والقلب، المراد فى قوله: { أن اشكر } { وأدخِلنى برحْمتك فى عِبادِك الصَّلحين } فى جملتهم كناية عن دخول الجنة، ولا يغنى عنه أن اعمل صالحاً، إذ كم من عامل صالح ختم له بسوء، ومن عامل صالحا فخلط له بغير الصَّالح فيراد الاقتصار على العمل الصالح، والمداومة بقوله: { وأدخلنى } الخ، وأيضا العمل الصالح لا يجزى إلا برحمة الله سبحانه، كما قال صلى الله عليه وسلم:
"لن يدخل أحدكم الجنة بعمله فقيل: ولا أنت يا رسول الله؟ فقال ولا أنا إلاَّ أنْ يتغمدنى الله برحمته" ولذلك قال: { برحمتك } وأما " { ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } " [النحل: 32]" { أورثتموها بما كنتم تعملون } "[الأعراف: 43، الزخرف: 72] فمعناه أن هذه السببية برحمة الله تعالى أو المعنى أثبتنى فى عدادهم، اذكر إذ اذكروا أو فى عبادك الأنبياء، ولا تنال النبوَّة بالأعمال، وذلك غير العمل الصالح، أو اعمل صالحاً فى حقك، وأدخلنى فى القائمين بحقوق العباد أو حقوقهم وحقوقك تعميما بعد تخصيص، أو يقدر أدخلنى الجنة فى جملة عبادك الصالحين.