التفاسير

< >
عرض

أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
٦٠
-النمل

تيسير التفسير

{ أمَّن خلق السَّماوات والأرْض } أم منقطعة بمعنى بل الاضرابية الانتقالية، والهمزة التقريرية، ومن مبتدأ خبره محذوف أى خبر يقدر بعد شجرها، وقدره بعض بشرك به، أو تكفر بنعمه، وبعض كمن لم يخلفهما { وأنزل لَكم } اللام للنفع { من السَّماءِ ماء } أى مقداراً أو نوعاً من الماء، وذلك وجه التنكير { فأنْتنْنا به } الفاء لمجرد الترتيب بلا اتصال، أو الاتصال فى كل شىء بحبسه، ومفيد السببية الباء فى به، ولك جعل الفاء للسببة، والباء فى به كالآلة والمتبادر أن الانبات به بقدرة الله عز وجل، كما أضاء الدنيا بالشمس، وبعض يقول: أنبتنا عند الماء، وكذا نظائره والأول أولى جريا على الظاهر، مع أنا اعتقدنا أن كل شىء مستأنف من الله، ولا يحتاج الى شىء، ولا يستقل عنه شىء، وقد خلق ما شاء لا من شىء، ولا نقول يرد أمثالها.
{ حَدَائق } جمع حديقة وهو البستان، ولو لم يدر به حائط، كما أطلق ابن عباس، ووجهه أن الأرض ما لم كن بستاناً لا تضبط، وإذا كانته فشجرها هو الذى حدها وضبطها كحائط، وذلك طاف فى معنى الاحداق وهو الاحاطة، وأيضا الشجر المجتمع مثل عين الوجه المسماة الحدقة فى الاجتماع، وحصول الماء، وأيضا من شأنها تنظر اليها الأحداق، ومن شأنها ان يحاط عليها، وقيل لا يسمى حدائق بلا حائط إلا مجازاً، والمنبت هو الشجر لا مع أرضه، فيقدر مضاف اى شجر الحدائق، أى نحن انبتنا الشجر الذى هو بعض الحدائق أو الأسناد مجاز عقلين.
{ ذات بهجةٍ } حسن يسر الناظر { ما كان لَكُم } ما يصح لكم، وما أمكن { أن تنبتوا شجرها } فضلا عن ثمارها مع اختلافها طعماً وريحاً، ولو ناصح إضافة الشجر للحدائق، مع أن الحديقة اسم للأرض والشجر معاً اعتباراً لإضافة البعض للكل أى الشجر الذى هو بعض الحدائق، كما تقول يد زيد { أإله مَعَ الله } ثابت مع الله الذى ذكر بعض أفعاله له لا يوجد، لأنه لا يفعل غيره أفعل له فكيف يعبد معه، وكيف يسمى اليها أو أإله مع الله فى خلق السماوات والأرض، وأنزل الماء وإنباته الحدائق يقولون لا كما قال الله عز وجل:
" { ولئن سألتهم من خلق } "[العنكبوت: 61] الخ { بلْ هُم قومٌ يعْدِلون } اضراب وانتقال الى بيان أنهم ينحرفون فى عادتهم عن الحق مطلقا، وقيل: المعنى يسوون غير الله بالله سبحانه، وهو ضعيف لأنه معلوم، وغير مناسب لما قبل.