التفاسير

< >
عرض

طسۤمۤ
١
تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ
٢
نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٣
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ
٤
-القصص

تيسير التفسير

{ طسم * تلْكَ } أى هذه السورة أشار إليها بالبعد لغيبة أكثرها عنه صلى الله عليه وسلم، قبل نزولها، وللتعظيم أو الى الآيات مطلقاً { آيات الكتاب } القرآن لأن السورة بعضه كما هو تلاوة السورة قبل هذه، أو اللوح المحفوظ، لأن القرآن مكتوب فيه { المُبِين * نَتْلوا عَليْك } نقرأ، سميت القراءة تلاوة، لأن فيها تلو حرف لحرف، وتستعمل التلاوة بمعنى تتبع القرآن بالقول والعمل، وشهرت بمعنى القراءة أو التغلب فى القراءة تقول: قرأ بمعنى نطق، وتقول تلا بمعنى نطق، وتلا بمعنى تبع بالعمل.
والقراءة باعتبار أنها نطق بالقرآن أو بغيره، أعم من التلاوة المختصة به عملا أو نطقا، واسناد التلاوة الى الله عز وجل مجاز عقلى، لأن الناطق بالقرآن جبريل عليه السلام، ولا يوصف الله بالنطق، أو مجاز لغوى، إمَّا مجاز مرسل عن التنزيل، لأن تنزيله سبب للقراءة وملزوم، وإما استعارى، لأن كلا من التنزيل والتلاوة طريق للتبليغ، أى ننزل عليك { من نبإ } نعت لمفعول محذوف، أى شيئا ثابتا من نبإ { مُوسَى وفرعون } أى خبرهما، ومن تبغيضية، أو ابتدائية أو بيانية، تتلوا عليك شيئا هو نبأ موسى وفرعون، ويكفى فى البيان ما ذكره منه بلا استقصاء { بالحقِّ } بالصدق { لقوْمٍ يُؤمنون } نفع لهم أو لأجلهم، يؤمنون بعد التلاوة بقرب أو بعد، ولو بعد موته صلى الله عليه وسلم، وذلك شامل لمن تقدم إيمانه، لأن كل ما ينزل يؤمن به على حدة بعد نزوله، ولو تقدم إيمان عام وابتدأ ذكر الموعود بأنزاله بقوله:
{ إنَّ فرعَون علا } طغا وتجبر { فى الأرْضِ } أرض مصر { وجَعَل أهلهَا شِيعاً } فرقا يشيعونه، أى تتبعه كل فرقة فيما يريد من شر وفساد، ومنه الاغراء بينهم بالعداوة، وفى بناء وحرث وغرس وعمل الآجر، وسائر الأعمال الشاقة، وضرب الجزية على من لا يقدر على العمل، ويتتابعون فى طاعته { يسْتَضعفُ طائفةً منْهُم } هى بنو إسرائيل هم أقوياء يصيرهم ضعفاء بنزع أموالهم، والشتم والاستخدام، وإهانتهم بكل ما أراد، وسمى ينى اسرائيل أنهم من أهل مصر ان اهلها القبط تغليبا للقبط.
أو لأنهم كانُوا فيها فى ذلك العصر، ولو كانوا فى الشام أيضا، أو لأنهم كانوا فيها قبل ذلك زماناً طويلا، والمضارع لجعل الماضى حاضرا بتأخره الى زمانه صلى الله عليه وسلم، أو بتقدمه صلى الله عليه وسلم اليه، فيكون كالمشاهد والجملة حال من المستتر فى جعل، أو من أهل أو نعت شيعا، أو استئناف نحوى من جملة نبئها، ولا يتبادر أنه جواب قائل ماذا صنع بعد جعلهم شيعا.
{ يذبِّح أبناءهم } شدَّد للمبالغة فى الذبح وللتكثير { ويسْتَحْيى } إسناد التذبيح والاستحياء اليه مجاز عقلى { نِساءهُم } يعالج حياة البنات الصغار، سماهن نساء لمجاز الأول أو النساء الكبار استحياهن من صغرهن، أو يعالج النفساء او من شق بطنها لما فيه من جنين، قال كاهن: يولد طفل فيهم يذهب ملك فرعون، أو رأى فى نومه نارا من المقدس أحرقت بيوت القبط دون بنى إسرائيل ففسرها علماؤه برجل هلاك مصر على يده، فنازعته نفسه الى أنه يقدر على إبطال ما قيل له إنه مقدر منتظر، واذا أراد ذلك لم يقابل بقولك: إن صدق المقدر المنتظر فما فائدة القتل، وإلا فما وجهه { إنَّه كان من المُفْسدين } اجترأ على ذلك، ولا سيما أنهم ذرية للأنبياء لرسوخه فى الفساد.