التفاسير

< >
عرض

قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ
٢٧
-القصص

تيسير التفسير

{ قال } شعيب { إنِّى أريد أنْ أنكحك إحدى ابنتىَّ هاتين } تخيير له، إذ لم يقل أن أنكحك ابنتى هذه، وفى هاتين بأن له غيرهما، وقد قيل: بناته ست، وقيل: سبع، فتحرز بهاتين عن سائرهن، علم بهن موسى أو لم يعلم، ثم لا بأس بالتفنن فى العبارة والتأكيد، ولو بلا تحرز، ولو لم يكن له إلا هما، وفى قوله: { إحدى ابنتى } بيان أنه ليس الغنم للمتزوجة، لأنه قد خيره فكيف يتزوج إحداهما باسترعاء غنم الأخرى، إلا أن يتأول بأنه علم من الله، أو بأمارة أنه يتزوج صاحبه الغنم، ولو تلفظ بالعموم.
{ على أن تأجرنى } تعاملنى بالأجرة لك منى، أو تكون لى أجيراً كقولك: أبوته صرت له أبا أو تثيبنى على التزويج تقول: آجرك الله أى أثابك { ثمانى } ظرف متعلق بتأجر { حِجَج } سنين، أو المراد تثيبنى رعى ثمانى حجج فثمانى على هذا مفعول ثان على حذف مضاف { فإن أتمَمتَ عَشْراً } فى الخدمة { فمن عنْدكَ } فاتمامها فضل من عندك، وهذا بيان للواقع، وإفصاح بالمراد لا حصر إذ لا يتوهم أحد أن إتمام العشر فضل من شعيب فضلا عن أن يقال من عندك، لا من عندى، اللهم إلا أن يقال ليس مرادى ما فوق العَشْر، واقتصرت على العشر تفضلا.
{ وما أُريدُ أنْ أشُقَّ } أشدد { عليك } بإلزام العشر، ولا بالمناقشة فى أوقات الثمانى، فقد لا ترعى يوماً وقد تبطأ يوما أو تسرع الرجوع، قيل: أصل المشقة تردد الرأى على شقين، وهو صعب { سَتَجدنى إنْ شاء اللهُ مِن الصالحين } بحسن العشرة والمسامحة، واللين والوفاء بالواجب، كالوعد والاستثناء تبرك على أنه قد علم أنه معصوم، وإن لم يعلم ذلك فشرط والأظهر أنه شرط باعتبار أنه قد يصدر من النبى ما يكره فى حقه، وليس ذنباً، وقد اعتقدت أن من تاب من الرياء يثبت له ثواب ما راءى به، ومن تاب من إهماله النية فى عمله يكتب له ثواب عمله، على أنه منوى لله مخلص إن شاء الله عز وجل.