التفاسير

< >
عرض

وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٥٧
-القصص

تيسير التفسير

{ وقالوا إنْ نتَّبع الهُدَى } ما هو هدى عندك وعند الله، لأن القائل الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف ومن معه، أتوا النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا: نعلم أنك على الحق، ولكن نخاف إن اتبعناك وخالفناك، وإنما نحن أكلة رأس أن يتخطفونا من أرضنا، فرد الله عز وجل بقوله: { وقالوا إن نتبع الهدى } { معَكَ نُتخطَّف } نؤخذ بسرعة { من أرْضِنا } وبقوله عز وجل: { أو لم نمكِّن لَهُم } متعلق بنمكِّن لأهل مكة أو للعرب { حَرماً } مفعول لنمكن بمعنى نثبت، ولا حاجة الى جعله بمعنى جعلنا متعديا لاثنين، ولهم مفعول ثان { آمناً } أسند الأمن الى الحرم على طريق المجاز العقلى من الإسناد، الى المحل لأن الآمن حقيقة أهله، وأما إذا جعلنا آمناً للنسب كتامر ولابن، أى حرما ذا أمن، فليس فيه غنى عما قلنا، لأن صاحب الأمن ليس الحرم، بل أهله لا يؤخذ أهله تتناحر العرب حوله، وتأمن فيه أيضا لا يخافون ضيق الرزق باتباع الهدى كما قال.
{ يجبى } تجمع { إليه ثمرات كل شىء } يمكن جلب ثمراته إليه، وتطلب فلا يشكل بأن كثيرا من الثمرات لا يجبى إليه، وهذا أولى من أن يقال المراد بالكل الكثرة، والجملة نعت ثان لحرما، وإنما حصل الأمن للحرم لأجل الكعبة { رزْقاً } حال من ثمرات، أى مرزوقات، أو مفعول مطلق لتجبى لتضمن يجبى معنى ترزق أو رزقا معنى تجبى، وأجيز أن يكون مفعولا من أجله بمعنى المصدرى، وفيه ضعف لتبادر أن المراد بالجبى هو معنى أن يرزقوا بها فلا يعلل بالرزق { من لدنا } نعت رزقا أو متعلق بيجبى { ولكنَّ أكثرهم } قيل كلهم، وقيل فيهم يعلم ولا يعمل، والاستدراك متعلق بقوله: { أو لم نمكن } إلخ، أو بقوله: { من لدنا } والأول أولى، لأن المقام للرد عليهم بأنا قد أعددنا لهم ما يؤمنون معه، ولا يخافون معه، وهم مشركون عبدة أوثان، وكيف إذا أسلموا، وليس المقام لإعلامهم أن الرزق منا لا من غيرنا { لا يعْلمُون } لا يتدبرون فيعلموا أنا قد أحضرنا لهم ما يؤمنون معه إن آمنوا، أو يعلموا أن ذلك الرزق من الله عز وجل، وحققوا إذ لو علموا لما خافوا.