التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّآ أَن جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرينَ
٣٣
إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
٣٤
-العنكبوت

تيسير التفسير

{ ولمَّا أن جاءت رُسُلنا لوطاً } هم الملائكة المعهودون، الذين بشروا ابراهيم: فارقوا وجاءوا لوطاً { سيء } لوط { بهم } ساءه الله بهم، اى غمه لانه ظن انهم آدميون، وكانوا على صور الشباب المرد الجميلين، فخاف لهم طلب قومه منهم الفاحشة، وقيل الهاء لقومه { سيء بهم } لعظم البلاء عليهم، ويرده انه لا يحزن لبلائهم، بل يفرح وقد طلب نزوله، وانه لا يناسب قول الملائكة: { لا تخف ولا تحزن إنا منجوك } { وضاقَ بِهم ذَرعاً } طاقة { وقالوا لا تَخَفْ } علينا { ولا تحزن } بنا اننا لسنا بشرا بل ملائكة رسل ربك لهلاكهم، لا ينالوننا، وقد علموا منه الضجر من قومه حتى قال: " { لو أنَّ لي بكم قوة } " [هود: 80] إلخ، ومن قال: الهاء لقومه كما مر آنفا، قال: المعنى لا تخف علينا وعليك، ولا تحزن بما نفعله بقومك.
{ إنَّا منجُّوك وأهلك } محل الكاف الجر بالاضافة وهو مفعول به، فعطف عليه بالنصب باعتبار المفعولية، تقول: إنى مكرم زيد غداً واياك، فلاحاجة الى جعل الواو للمعية، ولا الى تقدير ومنجون أهلك، ولا الى دعوى الاخفش وهشام ان النون حذفت لشدة الاتصال، والكاف مفعول به { إلاَّ امرأتك كانَتْ } في علم الله { من الغابرين إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً } عذاباً مزعجاً، من ارتجز بمعنى اضطرب { من السَّماء بما كانوا يفسقون } لكونهم يفسقون الفسق المعهود المستمر، وعادة المفسرين يذكرون المصدر مما بعد كان، ويسقطونها كأنها زائدة، وكانها ليس لها مصدر اذا دخلت على المبتدأ والخبر، وعندى ليس كذلك، قال الشاعر:

وكونك إياه عليك يسير

وفى تأويل المصدر منها فائدة فاتتهم، وهو الحكم على كونه يفعل زيادة على الحكم على الفعل، وذلك أبلغ فاحفظ ذلك ولا تضيعه، واعمل به فى القرآن العظيم وغيره.