التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ
١٠
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
١١
-آل عمران

تيسير التفسير

{ إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا } كوفد نجران ويهود قريظة والنضير ومشركي العرب وغيرهم { لَنْ تُغْنِىَ } لن تدفع { عَنهُمْ أَمْوَالُهُمْ } وقد أعدوها لدفع النوائب وجر المصالح { وَلآَ أوْلادُهُمْ } وهم يتفاخرون بها، ويتناحرون في الأمور المهمة، وقدم الأموال لأنها أول ما يفزع إليه عند الخطوب، ويقوت بها الأولاد { مِّنَ اللهِ } من عذاب الله { شَيْئَا } مفعول تغنى بمعنى تدفع، وإن قلنا تغنى بمعنى تنفع فشيئا بمعنى نقما مفعول مطلق، أو المعنى، لم تكن بدلا من طاعة الله ورحمته، كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ينفع ذا الجد منك الجد" ، أى لم تغنهم عن الطاعة والرحمة، بل يتحسرون باشتغالهم عن الطاعة والرحمة بها، وهذا مما يتصدى لنفيه، فنفى بالآية، ومِنْ بدليه، كأنه قيل، بدل عذاب الله، أو تبعيضية، أى بعض عذاب الله عز وجل كما رأيت { وَأُلَئِكَ هُمْ وَقُُودُ النَّارِ } في الآخرة، كالحطب الذى توقد به النار في الدنيا، والحصر حقيقى إن أريد عموم الكفرة، وادعائى إن أريد وفد نجران أو مشركو العرب أو قريظة والنضير، أو الفرق الأربع لكن قوله:
{ كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِين مِن قَبْلِهِمْ } يقتضى عموم كفرة هذه الأمة، فالقصر ادعائى، أو قصر إضافى، باعتبار قول اليهود، نكون فيها ثم يخلفنا المرمنون فيها، فقال الله جل وعلا، أنتم وقودها دون المؤمنين، والمعنى دأب هؤلاء الكفرة، أى عادتهم كدأب آل فرعون والذين من قبلهم في التكذيب، والهاء لآل فرعون، وذلك خبر لمحذوف كما رأيت، أو لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم شيئاً كعادة آل فرعون ومن قبلهم في أن لن تغنى عنهم أموالهم، ولا أولادهم، أو أولئك وقود النار كعادة آل فرعون ومن قبلهم في أنهم وقودها، والعادة ولو نسبت إليهم لكن الله خلقها لهم حتى كأنهم اعتادوها في الوقود وعدم الإغناء، وأما في التكذيب فظاهر، والدأب بمعنى الشأن، وأصله إتعاب النفس في العمل، وقيل، الهاء للذين كفروا، والمراد بالذين معاصروه صلى الله عليه وسلم، أو الذين مبتدأ، أى أن الذين كفروا قبلهم، وعليه فخبره قوله: { كَذَّبُوا بِئَايَاتِنَا } أي النازلة في الكتب والمعجزات والأيات العقلية وعلى غيره تكون الجملة تفسيراً لدأبهم مستأنفه أو حالا { فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ } وهى التكذيب، وما يترتب عليه من الصغائر والكبائر، أو ذنوبهم ما سوى التعذيب، فالتكذيب من باب أولى، وصحت سبية الفاء مع هذا الوجه لأن ذنوبهم ناشئة من التكذيب { وَاللهُ شَدِيدُ العِقَابِ } فأخذ الله إياهم شديد، فاحذروا يا كفرة الأمة.