التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِيۤ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ
١٤٧
-آل عمران

تيسير التفسير

{ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ } مع ثباتهم وقوتهم فى الدين، وكونهم ربانيين بعد قتل نبيهم { إلآَّ أن قَالُوا } حرف المصدر والفعل بحسب التأويل كالمضمر، فإن ذلك لا يضمر ولا يوصف به ولا يوصف، وأنه أعرف للدلالة صريحا على الإسناد إلى المرفوع وزمان الحدث بخلاف المصدر المضاف فإنه يعلم أنه مضاف للفاعل أو المفعول بالدليل، فكان أن قالوا أحق بأن يسند إليه قولهم، فالمعنى، ما كان قولهم ربنا اغفر لنا إلا قولا معتادا لهم، بل يصح لغيره أن يكون قولهم وما زاد تعريفه، فهو أحق بالابتداء، فيكون اسما لكان مثلا، والمقدم يدل على تكرير قولهم المذكور بقوله تعالى { رَبَّنا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } والذنوب هنا الصغائر { وَإسْرَافَنَا } فعلنا الكبائر مجاوزة للحد { فِى أَمْرِنَا } فى مطلق أحوالنا، أو فى معصيتنا إذ بالغنا فيها بالكبائر، أو المراد بالذنب والإسراف واحد، الصغائر والكبائر، إلا أنهم ذكروها باسم مفهومه العتاب والعقاب، وباسم مفهومه مجاوزة الحد وذلك هضم لأنفسهم، لأنهم متصفون بأنهم ربيون، أو نظرا إلى حال تقدمت لهم، وفى ذلك تلويح إلى أن ما أصابهم إنما هو لذنوبهم { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } ألق علينا الصبر وأزل الخوف عنا، ووفقنا فى مواطن الحرب الحاضرة هذه التى قتل فيها نبى، والآتية وفى سائر دينك، وقدموا الاستغفار على مقصودهم الأهم بحسب الحال، وهو الصبر والنصر، سعيا ورغبة فى تحصيل النصر، لأن الدعاء فى خضوع وطهارة قلب أقرب إلى الاستجابة، وقيل، قدموا المغفرة لأنها تخلية، وهى قبل التحلية، وقبل، ليستحقوا طلب الثبات والنصر { وَانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ } بإلقاء الرعب فى قلوبهم أو بتقويتنا عليهم، أو بما شئت، كرجم وخسف، وذلك تعريض بمنهزمى أحد، والاستغفار سبب لتثبيت الأقدام، وتثبيتها سبب للنصر غالباً، ومناجاتهم أحسن من مناجاة قوم طالوت.