التفاسير

< >
عرض

نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ
٣
-آل عمران

تيسير التفسير

{ نَزَّلَ عَلَيْكَ } يا محمد { الْكِتَابَ } القرآن كله بإنزاله كله إلى السماء الدنيا في السابع والعشرين من رمضان، أو نعتبر أن بعض الكتاب كتاب، كما تقول للورقة الواحدة فصاعداً كتابا، لأنها مكتوبة، وكما تقول لبعض القرآن قرآنا، لأن هذا البعض مقروء، أو تعتبر أن نزول بعضه وهو متتابع، ولا بد، ولو فصل نزول له كله، كحيل قبض على طرف منه أو معظم منه، وما قيل: إن التنزيل مختص بالتدريج، ولذا لم يذكر في حق القرآن الإنزال معارض بقوله تعالى، لولا نزل عليك القرآن جملة واحدة، وقوله: { { والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك } [البقرة: 4]، وقوله تعالى: { { هو الذي أنزل عليك الكتاب } [آل عمران: 7] ولعل المراد القائل أن ذلك غالب { بالحقِّ } بالعدل المتوسط بين الإفراط والحجج المثبتة أنه من الله عز وجل والصدق { مُصَدِّقاً } أي الكتاب { لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } ما وجد من كتب الله كلها، أو مصدقا الله لما بين الكتاب، والأولى، لاتحاد مرجع الضميرين فيه { وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ } على موسى، جملة مكتوبة في ليلة السادس من رمضان، واللفظ من ورى الزند إذا قدح ناراً، فإنها ضياء إلى الهدى، أو من التورية بمعنى التعريض لكثرة التلويح، وزنه فوعلة، فالتاء الأولى عن واو، والواو بعدها زائدة عن الخليل وسيبويه، وقال الفراء: تفعلة، فالتاء زائدة، والواو أصل، واعترض أن هذا الوزن شاذ، الجواب، أنه كالمصدر، أو أصله مصدر كالتجربة، وأصله تورية، أبدلت الكسرة فتحة، والباء ألفا، وقال بعض الكوفيين تفعلة بفتح العين { وَالإِنْجِيلَ } على عيس، جملة مكتوبا في ليلة الثامن عشر من رمضان، والزبور في ليلية اثنتى عشرة، من النجل، وهو التوسعة، لأن فيه التوسعة لأشياء ضيق عليها في التوراة، والعين النجلاء الواسعة أو من النجل بمعنى الظهور لظهوره من اللوح المحفوظ، أو لاستخراجه منه، أو من التناجل، وهو التنازع، لكثرة النزاع فيه، وأل فيهما دليل عى عربتهما، أل ترى أنه لا يقال في الأعلام العجمية، الموسى والعيسى، والنوح ونحو ذلك، وكذا العربية إلا للمح الأصل بلا قياس، وأل فيهما لمح، ولا يعترض بالإسكندرية بأل، لأنه بياء النسب العربية، وكل منسوب كصفة، فصحت أل، وقولك الإسكندر بلا نسب مع أل خطأ، كخطأ من قال البنداد في بغداد، فقولهم: الأندلس والصين والهند تحريف متبوع فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "اطلبوا العلم ولو بصين" ، بدون أل، وزاد الراوى أل، والعربى لا يزيده، فتوراة تفعلة بفتح العين شاذ قياسا، وورودا، فصيح استعمالا، قلبت الياء الفا لتحركها بعد فتح، أو تفعلة بكسر العين فلا شذوذ، ولكن قلب الكسر فتحا، فالباء ألفا، وقراءة بعض بفتح همزة أنجيل شاذة، لا توجب أنه عجمى، بل لفظ شاذ لم يسمع إلا في هذا، بخلاف الكسر فوارد كإحليل وإكليل، واستدل بعض بقراءة الفتح على أنه عجمى.