التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ
٣٠
-آل عمران

تيسير التفسير

{ يَوْمَ تَجِدُ } اذكر وقت تلقى أو تعلم، والأول الراجح، ولا يتعلق بمصير لبُعده، أو بقدير لإيهامه العجز فى غير ذلك اليوم، ولو جاز لظهور قدرته على العموم،، ولأنه إذا قدر ذلك اليوم فغير اليوم أولى، ولا يقود لأن الموصول والشرط والموصوف المصدر لا تعمل أخبارهن فيما قبلهن، ويجوز نصبه بيحذركم، محذوفا على المفعولية { كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِن خَيْرٍ } عبادة لله { مُّحْضَراً } يبين لها، فتذكر ما نسيت منه وتفرح به { وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ } معصية، ما مبتدأ خبره الجملة بعده على أن هاء بينة لما { تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً } مدة، أو طرف النهاية الذى ليس بعده جزء، والمراد مدة طويلة، أو العمر، أو سير ما بين المشرق والمغرب، وهو المسافة، وهو أنسب بقوله عز وجل وتعالى: { { يا ليت بينى وبينك بعد المشرقين } [الزخرف: 38]، وأن وما بعدها فى تأويل مصدر فاعل لمحذوف، أى لو ثبت ثبوت أمد بعيد بينه وبينها، وتود تحب، ومفعوله محذوف، أى تود البعد، ولو للتمنى على تقدير القول، أى قائلة لو أن بينها، أو يضَّمن تود معنى القول { بَعِيداً } كما بين المشرق والمغرب، كقوله تعالى: { { يا ليت بينى وبينك بعد المشرقين } [الزخرف: 38]، وما موصولة أو موصوفة أو شرطية ولو رفع جوابها على ما قاله ابن مالك، لأن الشرط ماض، ولك عطف ما على ما، فيقدر محضرا معطوفا على محضرا، عطف معمولين على معمولى عامل، وهذا متعين إذا رجعنا الهاء لليوم، تود أن يبعد عنها بعد وقوعه لما رأت من شر سبب لشقوتها، فلا يقال، كيف تتمنى أن يبعد مع أن فيه خيرا أيضاً { وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ } تأكيد للأول، وليكون على بال لا يغفل عنه، أو لكون الأول منعا من موالاة الكفرة، والثانى حثا عَلَى عمل الخير وترك الشر، وليقرنه بالرأفة، فيفيد أن رأفته لا تمنع عذابه، وعذابه لا يمنع رأفته، وهما متحققان معا، كما قاله، وقال متصلا به { وَاللهُ رَؤُوف بِالْعِبَادٍ } فإنما نهاهم وحذرهم العقاب رأفة بهم، ومراعاة لمصالحهم كما قال الحسن: رأفة بهم أن حذرهم نفسه، ويجوز أن يكون المراد الترجية فى الرحمة بالتوبة، فلا ييأسوا بقوله، ويحذركم الله نفسه، كقوله تعالى: { { إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم } [فصلت: 43]، { { غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب } [غافر: 3].