التفاسير

< >
عرض

هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٦٦
-آل عمران

تيسير التفسير

{ هَاأَنْتُمْ هَؤُلاَءِ } هما للتنبيه فى الموضعين، أو الأول همزة أبدلت هاء، وأشبعت، وهذا ضعيف، وخلاف الأصل، وأنتم مبتدأ وهؤلاء منصوب على الاختصاص، وحاججتم خبر أنتم، أو هؤلاء منادى، أو موصول، أو هو خبر، وحاججتم صلة هؤلاء، على أنه يجوز استعماله موصولا بمعنى الذين، أى أنتم الذين { حَاجَجْتُمْ } عنادا وحسدا، بعضكم بعضا والمسلمين، وعليه فمقتضى الظاهر حاجوا، لأن الظاهر من قبيل الغيبة، لكن خاطب نظرا لأنتم، أو هؤلاء مفعول لحاججتم، فيكون إِشارة للمسلمين { فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ } من التوراة والإنجيل، أو تدعونه فيهما وأنتم على دينهما { فَلِمَ تُحَاجُّونَ } بعضكم بعضًا المسلمين { فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ } فإنه لا يخفى أن الجدال الباطل فيما لا علم به أغرب، لكونه غير مبنى على شئ من الجدال الباطل المبنى على حق محرف، كأنه قيل، هب أنكم تجيزون محاجة فيما تدعون من دينكم الذى وجدتموه فى كتبكم وقلتم إِن شريعتنا لا تنسخ فلم تجادلون فيما لا علم لكم به من أمر إبراهيم عليه السلام ولم تعاصروه ولا جاء عنه أثر فى كتبكم مشيراً إِلى دعواكم، فأنتم حمقى لذلك، كمن لا يعرف ذاته إِلا بالإشارة إِليها الحسية، أو الذى لهم به علم هو شأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى التوراة والإنجيل، والذى ليس لهم به علم إبراهيم عليه السلام ولا يصح ما قيل، إِن اليهود أرادوا يكون إِبراهيم يهوديا أنه مدحهم وآمن بموسى، وأن النصارى أرادوا بكون إِبراهيم نصرانيا أنه آمن بعيسى ومدحهم، لأنه لو كان ذلك لرد الله عليهم بغير ما ذكر، إِلا أن يقال، الرد عليهم من حيث إن قولهم ذلك عن إبراهيم أنه مسيغ لهم، ومن أساغ لهم فكأنه منهم { وَاللهُ يَعْلَمُ } ما حاججتم به { وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ذلك.