التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىۤ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
٧٣
-آل عمران

تيسير التفسير

{ وَلاَ تُؤْمِنُوا } لا تذعنوا وتنقادوا { إلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } { قُل } أولا تصدقوا إلا من تبع دينكم، والمراد التصديق فى الظاهر، وإلا فكيف يصدقون من اتبع وهم عالمون بأنهم على باطل، أو لا تظهروا إيمانكم وجه النهار إلا لمن كان على دينكم فيما مضى، ثم أسلم من الأوس والخزرج وغيرهم، فإن رجوعهم عن الإسلام أقرب لذلك وأهم { قُلْ } لهم يا محمد { إنَّ الهُدَى هُدَى اللهِ } الإسلام، وأما اليهودية وغيرها فضلال { أَن يُؤْتَى } قيل متعلق بتؤمنوا على تقدير الباء وزيادة اللام فى لمن، ومن مستثنى مقدم، واحد مستثنى منه مؤخر، أى لا تؤمنوا بأن يؤتى { أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوِيتمْ } من الكتاب والعلم والفضائل، كالمن والسلوى، وفلق البحرإلا لمن تبع دينكم اليهودى، وأما غيره فلا كتاب له ولا علم ولا فضيلة، وعلى أن اللام غير زائدة يكون المعنى، لا تقروا لأحد بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لمن تبع دينكم، فالمستثنى لمن تبع، والمستثنى منه محذوف، تقديره لأحد، كما رأيت، والمراد كذبوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أو قد أوتى مثله وأصحابه، لكن لا تعترفوا بهذا إلا لمن هو من أشياعكم، ولا تعترفوا به للمشركين فيسلموا ولا للمسلمين فيزيدوا ثباتا، أو يقدر، قلتم آمنوا أول النهار، واكفروا آخره، حذر اعتقاد غيرهم أن أحدا أوتى مثل ما أوتيتم، وهذا أولى لسلامته من تقديم ما بعد أن المصدرية عليها، وفى الوجه الأول ذلك بناء على أن لا صدر لها، وهو قول الكوفيين، وإذا جعلنا الاستثناء منقطعا لم يرد ما قيل، أن المعنى لا تصدقوا بأن يؤتى أحد من المسلمين مثل ما أوتيتم إلا أن كان ذلك الأحد الذى من المسلمين موافقا لكم فى دينكم، وإذا قلنا العامل إلا لم يلزم أيضا تقديم معمول الصلة، أو هدى الله يدل أو بيان، وأن يؤتى خبر إن، فتكون أو بمعنى حتى وسببية،فلا يختص عند ربكم بيوم القيامة { أَوْ يُحَآجُّوكُمْ } الواو لأحد ولعطف على يؤتى، أى لا تؤمنوا، ألا لا تعترفوا بأن يؤتى أحد، وهم المسلمون، مثل ما أوتيتم، أو بأن يجادوكم لمن هو على دينكم، والمحاجة المخاصمة { عِندَ رَبِّكُمْ } يوم القيامة فيغلبوكم، لا تخبروا بهذا أحدل غير من تبع دينكم ويجوز كون أو بمعنى إلى، وذلك محض عناد، فإن المسلمين عالمون بذلك ومحاجوهم وغالبوهم، ولو لم يخبر أحد بذلك { قُلْ إنَّ الفَضْلَ } الإسلام والنبوة، أو الحجج التى أوتيها صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، ونعم الدين والدنيا فيدخل فيها، فالمقام له أولا بالذات { بِيَدِ اللهِ يُؤتِيه مَن يَشآءُ } تفضلا وتوفيقا لا يمكن رفعه ولا رده، ومن يهد الله فما له من مضل { وَاللهُ وَاسِعٌ } كثير الفضل، عظم المقدرة { عَلِيمٌ } بمستحقه، الله أعلم حيث يجعل رسالاته وبمصالح العباد.