التفاسير

< >
عرض

أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
٨٣
-آل عمران

تيسير التفسير

{ أفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ } أتجهلون فتبغون غير دين الله، أو أتهملون أنفسكم عن التأمل فتبغون غير دين الله، أو أتولون فتبغون الخ، أو الهمزة مما بعد الفاء قدمت عَلَى العاطف لكمال صدريتها، ورجح لسلامته من حذف الجملة، ولأنه قد لا يوجد تقدير، كقوله تعالى: { أفمن هو قائم عَلَى كل نفس }، وقدر بعضهم أن لا مدبر للموجودات فمن هو قائم، والمعنى، أينتفى المدبر فلا أحد قائم، ولا يمكن ذلك، والأولى إن أمكن التقدير وصح المعنى بلا تكلف قدر وإلا فلا، وإن لم تقدر فالعطف عَلَى أولئك هم الفاسقون عطف فعلية إنشائية عَلَى اسمية إخبارية، لأنه أفاد نكتة قولك، هم فى الحال يبغون، فكأنها اسمية، والإنكار فى معنى الإخبار فإنها خبرية،كأنه قيل، لا ينبغى لهم أن يبغوا غير دين الله، أو لا نشترط الجامع بين الإخبار والإنشاء إذا كان العطف بغير الواو لإفادته وجها، بخلاف الواو فلمطلق الجمع، وقدم غير الفاصلة وللاهتمام، ولأنه المقصود بالإنكار لا للحصر، لأن المنكر اتخاذ غير دين الله دينا ولو مع دين الله، ومن عبد الله مع غيره فليس عابدا لله، ومن هذا يكون للحصر وجه لطيف، لأن دين الله لا يجامع مع دين غيره، فإِذا بغو غير الله ودينه فإنهم لم يبغوا إلا غير دينه { ولَهُ أَسْلَمَ } والحال إنه أسلم له لا لغيره أى انقاد { مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعَا } إسلام طوع كسبا، أو طبعا كالملائكة، والمولود، وطبعت الملائكة فى عبادتهم طبع من لا يعصى { وكَرْهاً } بسيق أو إِلجاء بمشاهدة نزول عذاب، أو ملك الموت، ونتق الجبل إِسلام طوع من بعض، وإسلام كره من بعض، أو طائعين وكارهين كذلك، أو ذوى طوع وكره كذلك، أو طوع نفس راضية، وكره نفس أسلمت بعد منافرة { وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } للجزاء، "ادعى أهل الكتابين، اليهود والنصارى متخاصمين عنده صلى الله عليه وسلم، أنهم على دين إبراهيم، كل يدعيه لنفسه، وينفى عنه غيره، فقال صلى الله عليه وسلم، كلكم برىء من دينه فغضبوا، وقالوا: والله ما نرضى بقضائك" ، ونزل تكذيبا لهم بأنه لا فريق منهم على دينه، قوله عز وجل، أفغير دين الله إلى قوله، وإليه يرجعون، ويقبل إسلام من أسلم، لنتق الجبل أو السيق إن أقام عليه.