التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ
٥٥
-الروم

تيسير التفسير

{ ويَوم تقُوم السَّاعة } اى تحضر وهى ساعة القيام من القبور، او القيام فى المحشر للحساب، وقيل: سميت ساعة لانها تقوم آخر ساعة من ساعات الدنيا، على ان البرزخ من الدنيا وهو ما بين موت الانسان وبعثه، او لانها تقع بغتة، فاللفظ علم بالغلبة.
{ يُقْسم المجرمُون ما لبثُوا } بعد الموت { غَير ساعة } قطعة من الزمان قليلة، وهى غير الساعة الاولى، وهذا مما قيل عن قتادة انهم يعنون ما لبثوا فى الدنيا غير ساعة، لان لبثهم مغباً بيوم البعث كما ياتى، ولبثهم فى الدنيا ليس كذلك، ووجهه انه لم ينتفعوا به، فهو كالعدم، فهم متحسرون عليه، وقيل: المراد ما بين نفخة الموت ونفخة البعث، وفيه ينقطع العذاب عن الموتى، او هو اربعون سنة لا ترجع اليهم ارواحهم، كأنهم نائمون، فيبعثون وهم فى راحة كالنائم، ولا يعلمون كم مدة انقطع العذاب، وقيل علموا اربعين واستقلوها كذبا، كما روى عن الكلبى او نسيانا لما عراهم من هول المحشر، على انهم قالوا ذلك، اول الحشر او فى اثنائه، او يعد دخول النار، او استقلوا المدة بالاضافة الى مدة العذاب لعلمهم بها، ولو قبل حضروه، وقيل لا تعلم تلك المدة وبين الساعة، وساع جناس تام مماثل، ولو اختلفنا اعرابا وتعريفا وتنكيرا، ولو اتحد مدلولهما فى الاصل، وهو المدة الزمانية لاختلافهما فى القصد، فان الساعة كالعلم، وساعة غير ذلك، وكلا اللفظين حقيقة، ولا يقع الجناس بين حقيقة ومجاز، نحو لقيت حمارا وحمارا معمما، تعنى بالثانى البليد، مجازا بقرينة العمامة.
{ كذلك } مثل ذلك الصرف عن الصواب { كانُوا } فى الدنيا يأفكهم الله بالخذلان، او يأفكهم الهوى، او الشيطان باختيارهم لا باجبار { يؤفكُون } يصرفون عنه، او مثل ذلك الافك كانوا يؤفكون فى الاغترار بما تبين لهم الآن انقطاعه، وانه قليل كالعدم، وعظهم الله الله بذلك ليرجعوا الى الحق.