{ ولَقَد ضَربنا للنَّاس في هذا القرآن } هو الكتاب المسمى بالقرآن اولى من ان يقال: المراد السورة هذه، وضرب المثل اتخاذه وصنعه كضرب الخاتم واللبنة { مِن كُل مثَلٍ } من تبعيضية، اى بعض كل الانواع من الامثال، ويجوز ان تكون ابتدائية، كأنه قيل، اخذنا لهم من نوع، ومن اجاز زيادة من فى الاثبات اجازها هنا، ولا تنافى زيادتها معنى تبغيضيتها فى الوجه الآخر، لان معنى ضرب كل مثل ضرب كل مثل لائق بهم، قضى الله به من جملة الامثال الممكنة اللائقة ايضا، وعلى كل حال المثل الصفة العجيبة الشأن كصفة البعث، وما يقول المجرمون، وما يقال لهم، وعدم انتفاع اعتذارهم، وانتقاء استعتابهم مجازا عن الصفة الغريبة، او عن كلام شبه مضربه بمورده، وفسر بعضهم ضربنا بيننا، والمثل كما مر اى بيننا للناس من كل مثل يخبرهم عن التوحيد والبعث، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم.
{ ولئن جئتهم بآية } ما من آياتنا العظام، او معجزة ما من المعجزات التى طلبوها مع ضربنا الامثال لهم كلها { ليقولنَّ الذين كَفَروا } لرسوخهم فى الاصرار والقسوة { إن أنْتُم } يا محمد واتباعه { إلاَّ مُبْطلون } آتون بالباطل من زور وكذب واساطير الاولين والاصل يقولن ان انتم الا مبطلون بضم اللام فى يقولن، ولكن اظهر ليذكرهم بالكفر الحامل لهم على قولهم ان انتم الا مبطلون، على ان المراد قومه صلى الله عليه وسلم، اما ان اريد به العموم المؤمنون والكفرة، فليس الذين كفروا من وضع الظاهر موضع المضمر، وافرد الخطاب فى جئتهم، وجمعه فى انتم، ليدخل المؤمنون كلهم فى خطابهم له، فلا يبقى له مؤمن يشهد بصدقة، وقيل لان المراد: لئن جئتم بكل آية جاءت بها الرسل، او يمكن ان يجيئوا بها، قالوا: انتم كلكم ايها المدعون للرسالة مبطلون، وهذا ولو كان ابلغ فى تكذيبهم للحق خلاف الظاهر، ولا دليل على ارادته هنا، اذ لا ذكر للرسل هنا، ولان آية مفرد فى الاثبات، ليس معنى الجمع الا على سبيل البدلية هذه، او هذه لا كل الآيات.