التفاسير

< >
عرض

خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ
١٠
-لقمان

تيسير التفسير

{ خلقَ السَّماوات } السبع فكيف لا تؤمنون به { بغَيْر عَمدٍ } جمع عماد كاهاب، مفرد الاهب وهو ما يعمد به، اى يسند اليه الشئ، وجمع عماد لتعدد السموات، كل واحدة بلا عماد، لان فوقها تتعمد عليه بالتعلق، ولا من تحتها تنعمد عليه بالتمكن فيه { تَرونها } نعت لعمد فى حيز النفى بغير، بمعنى ان العمد غير موجودة لا كالاشياء التى تعمد فترون عمدها، او لو كانت لرأيتم عماد السماء الدنيا، فتقيسون عليها غيرها من بقية السموات، كقولك لا ترى زيدا فى السوق، بمعنى انه لا يكون فيها فلا تراه فيها، او ترى بمعنى تعلم لو كانت لاخبرتكم بها، كما اخبرتكم بغيب السموات لتعتبروا، او احتراز من عمد موجودة، لا ترى وهى عمد القدرة.
{ وألقى في الأرض رواسِيَ } جبالا مرتفعات او ثوابت { أن تَميدَ } كراهة ان تميد او لئلا تيمد، اى تضطرب { بكم } للمياه المحيطة بها، الغامرة لاكثرها، المقتضية لتحريكها، والرياح العواصف المقتضية له على انها كرية الشكل، لا بسيطة كما قال القليل، ولو كانت بسيطة لم تمد، ولو لم تكن الجبال كذا قيل، وعدم ظهور كريتها إنما هو لعظم جرمها، وكذلك خلق الله الارض وأراضين تحتها بلا عمد من فوق ولا تحت، ولو كان للسموات او للارضين عمد لاحتاجت العمد الى عمد اخرى، فتيسلسل، وما ورد عن عمد اذا صح ينتهى الى غير عمد بقدرة الله، واذا كان عمد بلا عمد تحتها، فذلك نفس القدرة على عدم العمد.
{ وبثَّ } فرق ونشر { فيها من كلِّ دابَّةٍ } نوع كل دابة، وذلك مستلزم لايجاده اياها، فكأنه قيل اوجدها فيها، وبثها، ويجوز ان يكون بث بمعنى خلق وأوجد، فعبر بالملزوم عن اللازم، فانه يلزم من البث انها موجودة مخلوقة { وأنْزلنا مِن السَّماء } جهات العلو او السحاب، لا من السماء احدى السبع او الجنس بعدم ظهوره، لكن الله قادر، ولكن نشاهد امطارا مادتها من البحر والعيون { ماءً } مطرا { فأنبتنا فيها } فى الارض بذلك الماء { من كلِّ زوج } والمفعول محذوف، اى ما شئنا، او انواعا من كل صنف { كريم } شريف كثير المنفعة والتكلم بعد الغيبة، لاظهار مزيد الاعتناء بانزال الماء والانبات لتكررهما، مع استقامة حال الحيوان، وعمارة الارض بهما.