التفاسير

< >
عرض

قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٨
-الأحزاب

تيسير التفسير

{ قد يعلمُ الله المُعوِّقين } المعطلين للناس عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم { منكُم } حال من أل او من المستتر فى معوقين { والقائلين لإخْوانِهِم } فى الكفر، فالفريقان كفار { هَلمَّ } اسم فعل بمعنى اقبلوا او قربوا انفسكم، فحذف مفعوله { إلينا } كان عبدالله بن أبى، ومتعب بن قشير، ومن معهما ممن رجع من الخندق من المنافقين اذا رأوا منافقا او من ضعف ايمانه قالوا له: ويحك اقعد ولا تخرج، او هلم الى رأينا او الى موضعنا البعيد عن وصول السهام، فذلك تعويق، ويكتبون الى اخوانهم فى العجلة او بالنسب فى الاحزاب او الى الاحزاب مطلقا لأخوة فى الدين اقبلوا فانا قد خذلنا محمدا وننتظركم، فهذا قول هلم، او الاخوان الاخوة فى النسب، وهم مسلمون والمعوقون والقائلون هلم كفار، كان المنافقون يقولون للمخلفين من اهل المدينة اقعدوا ما محمد واصحابه الا اكلة رأس بفتح الهمزة والكاف جمع آكل اى عدد قليل يكفيهم راس، او بضم الهمزة واسكان الكاف، اى مقدار رأس مأكول لو كانوا لحما لأكلهم ابو سفيان واصحابه.
وعن ابن زيد انصرف رجل من الخندق الى اخيه الشقيق، فوجد عنده نبيذا وشول فقال: انت ها هنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرماح والسيوف، فقال: هلم الىّ فقد احيط بك وبصاحبك، والذى يحلف به لا يستقبلها محمد أبدا، اى لا يرجع الى المدينة، فقال: كذبت، والذى يحلف به لاخبرنه بامرك، فرجع فوجد جبريل قد نزل بهذه الآية، فالاخوة اخوة النسب، والعائق والقائل وللقائل هلم كافر، والجمع لان له اعوانا راضين بقوله لهم: اخوان مسلمون يقولون لهم مثل ذلك، او يصوبون القول لهم، وتحتمل الآية ذلك كله، وقيل: المعوقون والقائلون اليهود واخوانهم المنافقون من اهل المدينة، فالاخوة فى الكفر والجوار وهذا مردود بقوله تعالى:
{ ولا يأتون } الخ عطف على صلة أل، وهى قائلين فما بعدها اجزاء لها { البأس } الحرب { إلا قَليلاً } زمانا قليلا، او إتيانا قليلا، او بأسا قليلا، فان اليهود لا يقتلون من جهة النبى صلى الله عليه وسلم كثيرا ولا قليلا، وإنما ذلك شأن المنافقين، لا يأتون الحرب الا ان لم يجدوا بداً من اتيانها، وايضا اذا جاءوا ورأى الناس وجوههم رجعوا اذا وجدوا الغفلة، ولا يحضرون البأس الكثير، ويعتذرون فيه بما وجدوا، او اتيان البأس القتال، اى لا يقاتلون، الا قتالا قليلا كقوله تعالى:
" { ما قاتلوا إلا قليلا } "[الأحزاب: 20] بل يكفون ايديهم ويكونون من وراء.