التفاسير

< >
عرض

وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً
٢٩
-الأحزاب

تيسير التفسير

{ وإنْ كنْتنَّ تردن الله ورسُوله والدار الآخرة } اخر هذا مع انه اعظم، لان سبب النزول طلبهن الدنيا، ولانه صلى الله عليه وسلم لا يلتفت الى الدنيا فبدئ له طرحها، والمراد: وان كنتن تردن رسوله، لان الكلام فى تحضيرهن فيه، ولكن ذكر الله اجلالا له صلى الله عليه وسلم، والمراد بالدار الآخرة نعيمها الدائم { فإنَّ الله أعدَّ } هيأ { للمحسنات } جزاء لاحسانهن { منِكنَّ } بيان لهم كلهن محسنات، او تبعيض اعتبارا للعامرية { أجْراً } كثيرا { عظيماً } فى نفسه، والجملة جواب الشرط، او علة لجوابه محذوفا، اى يثبكن الله تعالى، او تنلن خيرا، لان الله اعد الخ، ولم يذكر الثواب فى قوله: " { إن كنتن تردن الحياة الدنيا } "[الأحزاب: 28] لانه لا يستحق على الدنيا، ولا الوعيد ليخلو التخيير عن شائبة الاكراه.
والظاهر ان اختيارهن طلاق لو اخترن، بدليل انه لم يطلق العامرية، بل اكتفى باختيارها نفسها، وقيل: غير طلاق، بل موجب له، لانه صلى الله عليه وسلم لا يخلف الوعد، ولقوله: { أسرحكنَّ } وعليه الجمهور والحسن، واجيب بان التسريح هنا تكميل اختيارهن برضاء به، وطيب النفس، وان خير الرجل زوجه فاختارت فطلاق بائن واحد لا رجعة فيه الا برضاها، وعن عمر وابن عباس وابن مسعود: واحد رجعى، وقال زيد بن ثابت، والحسن، ومالك: ان اختارت الزوج فطلقة احدة رجعية، او اختارت نفسها فثلاث، وعن على: ان اختارت زوجها فواحدة رجعية، وان اختارت نفسها فواحدة بائنة، وعند الجمهور غير واقع حتى يطلق، ولها الخيار ما دامت فى المجلس، وعليه عمر وعثمان وابن مسعود، وجابر بن عبدالله، وحكاه قومنا عن جابر بن زيد وهؤلاء.
وقال الزهرى، وقتادة: لها الخيار بعد الخروج عن المجلس، فان عطلت اجبرت ان تختار او تترك، والحق ان لا طلاق ان اختارت الزوج كما فى الصحيحين، عن مسروق انه قال: ما أبالى خيرت امرأتى واحدة او مائة او الفاً بعد ان تختارنى، ولقد سألت عائشة رضى الله تعالى عنها فقالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاخترناه، فما كان طلاقا، ولم يعد ذلك شيئا.