التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً
٥٧
-الأحزاب

تيسير التفسير

{ إنَّ الَّذين يؤذُون الله ورسُوله } الإيذاء الإيجاع، والله منزه عنه فإما أن تستعمل الكلمة فى معنييها الحقيقى والمجازى الإيجاع له صلى الله عليه وسلم، والمخالفة له تعالى، لأنها فى الجملة سبب للوجع، وملزومة له، وإما أن يحمل على عموم المجاز، وهو فعل ما لا يجب الله ورسوله، وقد قيل، تعدد المعمول بمنزلة تعدد العامل، كأنه قيل: يوجعون الرسول، ويخالفون الله، وهذا يقوى ما ذكرت من الجمع بين الحقيقة والمجاز.
وإما أن يراد الرسول فقط وذكر الله تعظيما له صلى الله عليه وسلم، كأن مؤذيه مؤذ لله تعالى عن هذا المستحيل وغيره، وإما أن يقدر يؤذون أولياء الله ورسوله، وفيه ضعف، وكل ما يؤذى الله يؤذى رسوله، وما يؤذيه صلى الله عليه وسلم يؤذى الله تعالى وهو المعصية مطلقا، ويجوز إرادة المناسبة بأن إيذاء الله تعالى جعل الشريك له، وجعل الملائكة بناته، وقول اليهود: يد الله مغلولة، والنصارى: المسيح ابن الله، وإلحاد الملحدين فى اسمائه، وتصوير المصورين.
وفى الحديث القدسى:
"يكذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، يقول: لن يعيدني وما بدأه بأهون من إعادته، ويشتمني ولم يكن له لك يقول: اتخذ الله ولداً وأنا الأحد الصمد الذي لم يولد ولم يكن له كفواً أحد" ويروى: "من أظلم ممن ذهب يخلق كخلقى فليخلقوا ذرة أو حبة أو شعيرة" وروى: "يؤذينى ابن آدم بسب الدهر وأنا الدهر بيدى أقلب الليل والنهار" أى ينسبون الأمور للدهر، وأنا الفعال لا الدهر.
وإيذاء الرسول تكذيبه، وقولهم: شاعر ومجنون وساحر حاشاه. وكسر رباعيته، وشبح وجه فى أحد، والطعن فى نكاح صفية بنت حيى، وفى تزوجه زوج متبناه، وإعطاءه أشراف العرب كثيرا والأفرع وعيينة مائة مائة من الإبل، حتى قالوا: هذه قسمة ما أريد الله تعالى بها.
{ لَعَنَهُم الله } أبعدهم { في الدُّنيا } عن الهدى { والآخرة } عن الجنة يبقى لعلهم لا ينالونها، بل يموتون أو يحيون فى غير النار، فقال: بل يحيون فى النار وهو قوله تعالى: { وأعدَّ لهُم عذاباً مُهيناً } فى الآخرة.