التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ ٱلضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِي ٱلْغُرُفَاتِ آمِنُونَ
٣٧
-سبأ

تيسير التفسير

{ وما أمْوالكُم ولا أولادُكَم بالتي تقربكُم عنْدنا زلْفى } تقريباً، فزلفى مفعول مطلق لتقرب، والمعنى أن الذى يقربكم إلينا الإيمان والعمل الصالح، لا الأموال والأولاد، فإنها أسباب البعد لمن لم يتحرز، وقال: { عندنا } لا إلينا، لأن المراد بالتقريب القبول لهم، واعتبارهم، ويجوز أن يراد أن أموالكم ليست مقربة عندنا، بل التى تقرب عندنا أموال المؤمنين وأولادهم، لأنهم يستعملونها فى صلاح الدين والتفقه، والإفراد والتأنيث فى التى تقرب لتأويل الجماعة، والتى واقع على الأموال والأولاد معاً، وجعْلُ الزَّجاج التى للأولاد، وتقدير مثله للأموال أضعف من الزجاج.
ويجوز وقوع التى على غير الأموال والأولاد، أى بالأشياء التى، وقدر بعض بالخصلة التى، أو التقوى التى بمعنى إن تلك أجسام غير نافعة، لكم، والخصلة والتقوى اعراض نافعة لمن هى له، وإن أريد أعراضها وهى جمعها وتوفيرها فليس جمعها وتوفيرها خصلة أو تقوى نافعة، والخطاب للكفار بعد الغيبة.
{ إلا مَن آمَن وعَمِل صالحاً } استثناء منفصل من كاف تقربكم وإن كانت خطابا للكفار والمؤمنين كان متصلا أما على النصب فظاهر، وأما على الإبدال فعلى قول الكوفيين بجواز إبدال الظاهر من ضمير الخطاب والتكلم، ويجوز أن يكون متصلا، ولو كانت للكفار لأنها اسم لذواتهم، هكذا فكأنه قيل: إلا من آمن وعمل صالحا منكم بعد كفره، ويجوز تقدير الأموال من آمن وعمل صالحا وأولاده بوجه اتصال الاستثناء وانفصاله.
واعلم أنه لا يجوز استثناء الجملة ولو فى الانفصال، فلا يجعل من مبتدأ خبره "أولئك لهم جزاء الضعف" ولا مبتدأ خبره مقدر هكذا إيمانه وعمله يقربانه إذ لا يقال: جاءت الإبل إلا زيد قائم، ويجوز فى التفريغ.
{ فأولئك } العالون مرتبة، وإشارة الجماعة لمعنى من، كما أن الإفراد فى آمن وعمل للفظها { لَهُم جزاءُ الضِّعف } زيادة المثل مرة أو أكثر، والمراد هنا أكثر الى سبعمائة فصاعداً، أو أقل الى عشر { بما عَملوا } بما عملوه أو بعملهم الصالحات { وهم في الغرفات } غرف الجنة { آمنون } مما يكرهون.