التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ
٥١
-سبأ

تيسير التفسير

{ ولوْ تَرى } يا محمد وهو الأصل، وأجيز عموم الخطاب للصالح له على البدلية، ولا مفعول له على معنى لو صدرت منك رؤية، أو المفعول به محذوف، أى ولو ترى الكفار، أو لو ترى فزعهم وهو إذ من قوله عز وجل: { إذ فَزعُوا } على التجوز، إذ رؤية الزمان رؤية ما فيه، كما أن نفس الفزع لا يرى، إنما يرى جسد من تأثر به، ووقت الفزع يوم القيامة، كما يتبادر، وهو قول مجاهد، والمراد كما قال بعض المحققين فزع البعث، كما قال الحسن، وعن قتادة: فزع الدنيا عند الموت إذا عاينوا ملائكة الموت، وعن الضحاك: يوم بدر، فالمراد فزع الحرب، وعن السدى وابن زيد فزع ضرب أعناقهم يوم بدر، وقيل: فزع جنود السفيانى مع السفيانى، إذ تخسف بهم البيداء، إذ يهزمهم المهدى، فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم، وجواب لو محذوف مقدر بعد قوله عز وعلا: " { وقالوا آمنا به } " [سبأ: 52] على أنه عطف على أخذوا أى لرأيت أمراً مهولا.
{ فَلاَ فَوت } لا يفوتون عذاب الله بهرب أو موت أو نصر ناصر، أو شفاعة شافع، والخبر محذوف أى لا فوت لهم { وأخِذوا } أخذتهم الملائكة { مِنْ مكانٍ قَريبٍ } من الموقف الى النار، وأخذهم الله، أو الأرض من تحت أقدامهم من البيداء، أو من بدر، لأن القليب المطروح فيه قتلى بدر فى بدر، أو أخذهم المسلمون من مواضع قتلهم فى بدر الى القليب، ولا قرب ولا بعد بالنسبة الى الله عز وجل، والعطف فى الموضعين على فزعوا، إلا أن الأول عطف اسمية على فعلية، وقدمت على الفعلية للفاصلة، أو يقدر مثلها بعد قريب تأكيدا، أو لأن الأخذ غير عدم الفوت، بل مسبب له، وسبب لتحقق عدم الفوت وجودا، أو تعطف الفعلية على لافوت لهم، بمعنى فلم يفوتوا وأخذوا، والفاء لترتيب بلا تسبب، ويجوز التعليل أى فزعوا لأنه فوت، فان فزعهم فشل يترتب عليه عدم الفوت فى الجملة، وعدم الفوت بمعنى الحصر، والضبط ليس نفس الأخذ، بل سبب له، وفاء السببية داخلة على المسبب، لأن عدم فوتهم من فزعهم وحيرتهم، والتعليلية داخلة على السبب.