التفاسير

< >
عرض

وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ
٣٨
-يس

تيسير التفسير

{ والشَّمْس تَجْري لمُستقر لها } جملة معطوفة على جملة " { وآية لهم الليل نسلخ منه النهار } " [يس: 37] أو الشمس معطوف على الليل، وتجرى مستأنف أو حال على جواز الحال من المبتدأ، لأن الشمس معطوف على المبتدأ ولها على كل حال نعت مستقر، ومستقر اسم مكان ميمى، وهو هنا الحد الذى تنتهى اليه من فلكها فى آخر السنة كمقر المسافر، إلا أنه يمكث فيه، والشمس لا تزال تتحرك، وتكون الشهود بذلك.
فسمى المحرم: لتحريم القتال فيه ولو فى الجاهلية، لتعظيمه.
وصفر: لخلو مكة فيه من أهلها، أو لصفرة وجوههم فيه لمرض، أو لصفير ابليس للناس بالقتال بعد المحرم.
والربيع الأول والثانى: للخصب الواقع فيهما، وقيل: الأول لأنه صادف أول الخريف: والآخر لأنه صادف آخر الخريف.
وجمادى الأولى والثانية: لجمود الماء فيهما.
ورجب: لعظمته فى الجاهلية قبل الإسلام أو لثقل حمل الأشجار حتى جعلوا لها عمداً.
وشعبان: لتشعب قبائل العرب فيه، أى تفرقها، وقيل لتشعب الخير فيه.
ورمضان: لاحتراق الذنوب فيه أو لمصادفة الحر الشديد فيه، وهو أولى، لأنه لم يختص بالاسلام.
وشوال: لأن الإبل شالت أذنابها فيه للقاح، أو لأن قبائل العرب شالت عن مواضعها، أى تفرقت، أو لأنهم صادوا فيه، يقال أشلت الكلب أرسلته للصيد.
وذو القعدة: لأنهم يقعدون فيه عن الحرب.
وذو الحجة: لأنهم يحجبون فيه.
ولام { لمستقر } بمعنى الى كما قرىء بإلى، وأجيز أن تكون تعليلية وأن يكون المعنى تجرى لمنتهى لها من المشارق اليومية، والمغاربة اليوميه، لأنها تتبعها مشرقا مشرقا، ومغربا مغربا، حتى تبلغ أقصاها وترجع، فذلك حدها ومستقرها لا تعدوه، واللام بمعنى الى، أو للتعليل ومستقر اسم مكان، وكذلك إذا قلنا: إن المعنى تجرى لحد لها من مسيرها كل يوم فى رأى أعيننا، وهو المغرب، أو تجرى لكبد السماء ودائرة نصف النهار، وذلك مجاز عن الحركة البطيئة، ويجوز أن يكون مستقرها غاية ارتفاعها صيفا، وغاية هبوطها شتاء، ويجوز أن يكون المستقر مصدرا ميميا بمعنى الاستقرار والمكث فى كل برج من البروج الاثنى عشر، فاللام داخلة على الغاية والحاصل.
وقال قتادة ومقاتل: تجرى الى انقضاء الدنيا فمستقر اسم زمان ميمى، وجاء فى أحاديث أنها تسجد تحت العرش، وهى تدل أن المستقر اسم مكان، وأنها تمسك عن الجرى حال السجود حتى زعم بعض عن عكرمة أنها تبيت الليل كله ساجدة، وجاء أنها تطلب الله فى سجودها أن لا تطلع، لأنها تعبد من دون الله، وأنت خبير بأنها تدور الى جهة الشمال دائما إذا غربت، وأنه لا وقت هو ليل على الدنيا كلها، فوقت واحد يكون ليلا على أهل موضع، ونهارا على أهل موضع آخر، والأوقات كلها متتابعة كذلك، ففى أى ليل من ليالى الدنيا تسجد، فى ليل مضاب، أم فى ليل عمان، وهكذا، أو آمنا بالحديث، ولعل المراد دليل قائل ذلك صلى الله عليه وسلم وهو ليل مكة أو المدينة، أو ليل الخارج عن المعمور، ولو كان ذلك نهارا فى أماكن كثيرة، والظاهر الأول، أو تسجد مع سير، وقد قرأ ابن مسعود: والشمس تجرى لا مستقر لها، أى تجرى أبدا لا وقوف لها الى يوم القيامة، والشمس والقمر، والنجوم خلق الله لها تمييزا مع أنها جمة، وقيل لها روح وحياة.
{ ذلكَ } الجرى البديع الشأن، الذى تحار فيه الأذهان { تَقْدير } مصدر بمعنى مفعول، أى مقدر { العَزيز } الغالب بقدرته على كل شىء { العَليم } بكل شىء، ونور الشمس والنجوم مخلوق فيهن، وقيل نور الشمس من العرش، ونور الكواكب من نور الشمس، وقال ابن العربى: نور الشمس من نور تجلى الله تعالى، ونور سائر الكواكب السيارات منها، فما ثم إلا نوره تعالى، وقيل: السيارات والثوابت كلها نورها من نور الشمس، والسنة أربعة فصول: ربيع، وصيف، وخريف، وشتاء.
والربيع: يبتدىء من واحد وعشرين من مارس بالسين المهملة، أو مارث بثاء مثلثة، ونصف برمهات.
والصيف: من واحد وعشرين من يونية ونصف بئونة.
والخريف: من الثالث والعشرين من سبتمبر، ونصف توت.
والشتاء: من الثانى والعشرين من ديسمبر، ونصف كيهك.
وفى أول الربيع يستوى الليل والنهار، ويزداد النهار بعد بقدر ما ينقص الليل، وينتهيان أول الصيف، فيكون أطول نهار الثانى والعشرين من يونيه، وليلته أقصر ليلة، ثم ينقص النهار ويزيد الليل الى أول الخريف، فيستويان، فيزداد الليل وينقص النهار الى أول الشتاء، فأطول ليلة ليلة الحادى والعشرين من ديسمبر، ونهارها أقصر نهار، ويزداد الليل حتى يستويان أول الربيع، وفى الربيع والخريف يعتدل الهواء، ويشتد البرد فى الشتاء، والحر فى الصيف.
والشهور القبطية: توت، وبابه، وهاتور، وكيهك، وطوبة، وأمشير، وبرمهات، وبرمودة، وبشنس، وبئونة، وأبيب، ومسرى، وبعدها أيام النسىء، وكل منها ثلاثون يوما، فالسنة القبطية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما، وتسمى بسيطه، وتزيد يوما فى كل أربع سنين وتكون أيام النسىء ستة، فالسنة حينئذ ثلاثمائة وستة وستون يوما، وتسمى كبيسة، والسنة الافرنكية كالسنة القبطية، بعضها ثلاثون يوما، بعضها واحد وثلاثون، إلا الثانى فثمان وعشرون، وأيامها ثلاثمائة وخمسة وستون يوما، وهى السنة البسيطة، وفى كل أربع سنين يكون الشهر الثانى تسعة وعشرين فالسنة ثلاثمائة وستة وستون، وهى السنة الكبيسة.
والشهور الإفرنكية: يناير واحد وثلاثون، وفبراير ثمانية وعشرون أو تسعة وعشرون، ومارث أو مارس واحد وثلاثون، وأبريل ثلاثون، ومايو واحد وثلاثون، وأغسطس واحد وثلاثون، وسبتمبر ثلاثون، وأكتوبر واحد وثلاثون، ونوفمبر ثلاثون، وديسمبر واحد وثلاثون، ويونية ثلاثون، ويولية واحد وثلاثون، وهما متصلان بمائة ويقسم تاريخها على أربعة، فإن لم يبق شىء فكبيسة، وإن يبقى فبسيطة. ويقال: يقسم تاريخ القبطية والرومية والإفرنجية، فإن بقى اثنان، أو خمسة، أو سبعة، أو عشرة، أو ثلاثة عشر، أو خمسة عشر، أو ثمانية عشر، أو عشرون، أو أربعة وعشرون، أو ستة وعشرون، أو تسعة وعشرون، فكبيسة وإلا فبسيطة.