التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ
٥٢
-يس

تيسير التفسير

{ قالُوا } حين الخروج من القبور { يا ويْلنا } يا هلاكنا أحضر فهذا أوانك، قالوه جزعا، أو يا قومنا انظروا ويلنا { مَنْ بَعَثنا مِنْ مَرْقَدنا } مصدر ميمى، أى من رقودنا، أو اسم مكان ميمى، أى من موضع رقودنا وهو القبر كما مر آنفا أن لهم رقُودا، فلعل من مات قبل النفخة يترك عنه العذاب بعدها، ومن مات بها عذب حتى لا يبقى إلا قليل للبعث أصابهم طعم النوم، وقيل: لا ينقطع العذاب فى البرزخ" ولكن اذا بعثوا شبهوه بالنوم بالنسبة الى هول البعث، وما يستشعرون من النار قبل حضورها اذ شاهدوا البعث الموعود، أو مرقد استعارة للقبر بدون اعتبار عذاب ولا نوم فيه، والاضافة للجنس، فكأنه قيل من مراقدنا.
{ هذا ما وَعَد الرَّحْمن } ما وعده الرحمن من البعث { وصَدق المرسَلون } عطف على الصلة ورابطة محذوف، أى وصدق فيه بناء على جواز حذف الرابط المجرور بالحرف بلا شرط، أو يقدر صدقه بالتخفيف، تقول صدقنى زيد بالتخفيف اذا أخبرك بصدقه، ويشبه اللعب جعل ما مصدرية، وتأويل المصدر بالموعود، لأن هذا الموعود هو نفس ما الموصولة الاسمية فأبقها هى، وكذا تأويل الصدق بالمصدوق يكفى عنه عطفه على صلة الموصول الاسمى، وذلك من كلام المشركين المبعوثين، اعترفوا بوعد الرحمن، وصدق المرسلين، إذ شاهدوا البعث قالوه لأنفسهم، أو قاله بعض لبعض، أو من كلام الله تعالى، قيل: أو الملائكة أو المؤمنين، وهو جواب لقولهم: { من بعثنا من مرقدنا } فمقتضى الظاهر فى جواب من بعثنا أن يقال الذى بعثكم الرحمن، أو الله، أو الرحمن بعثكم، وعدل عن ذلك الى ما فى الآية تذكيرا لكفرهم بقوله: { وصدق المرسلون } اذا كان ذلك من غيرهم، وتفريعا عليه، وتذكيرا له ندما إن كان من كلامهم.
أو هو جواب عن غير ما سألوا عنه، لأن غيره أحق بالسؤال، ويسمى الأسلوب الحكيم، وإذا كان من كلامهم فلفظ الرحمن للطمع فى الرحمة، وعلى أنه من كلام المؤمنين، فلأن الرحمة غمرتهم، وأجيز أن يكون هذا نعتا لمرقدنا، وما مبتدأ خبره محذوف أى ما وعد الرحمن حق، والأنسب بقوله: { صدق } الخ أن يكون فاعلا لمحذوف، أى حق ما وعدا الخ.