التفاسير

< >
عرض

إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
٨٤
-الصافات

تيسير التفسير

{ إذ جاءَ ربَّه } متعلق بمحذوف دل عليه من شيعته، أى من شايعه إذ جاء ربه أو مفعول به لمحذوف، أى اذكر إذ جاء ربه، وأجيز تعليقه بشيعة لما فيه من الحدث، وهو المشايعة، ويبحث بأنه يكون المعنى حينئذ: وان من الذين شايعوه، إذ جاء ربه بتعليق إذ شايعوه الذى فسر به شيعته، أى وان من الذين شايعوا نوحا لابراهيم، إذ جاء ابراهيم، إلا أن يراد أن من اتبع ابراهيم أيضا هو من شيعة نوح، وأن وقت مجيئه شامل لأوقات من اتبع ابراهيم بعد، على التوسع، وليس فيه اخراج لام الابتداء، وهى التى فى اسم ان عن الصدر، لأنه لم يعمل ما بعدها فيما قبلها، وهو الممنوع، بل عمل ما قبلها فيما بعدها، وهو غير ممنوع نحو ان زيدا لقائم، وأيضا يتوسع فى الظروف فلا يضر الفصل بها، وهى أجنبية، وقد قال الله جل وعلا: " { إن الإنسان لربه لكنود } " [العاديات: 6] إلخ.
{ بقَلْب سَليمٍ } من الشرك وما دونه من آفات القلب كالحسد والغل، وحب الدنيا، وقيل حزين مجاز من السليم بمعنى اللديغ، وكانوا يسمونه سليما تفاؤلا له بالسلامة، حتى صار حقيقة فيه، والمقام أنسب بما مر، والباء بمعنى مع، وقيل: التعدية، أى أجاءه ربه قلبٌ سليم. وفيه أن ياء التعدية تدخل على المفعول به، لا على الفاعل تقول: ذهب الله بالسوء، بمعنى أذهب الله السوء، وفى جاء استعارة تبعية تصريحية شبه إخلاصه لله عز وجل بالمجىء بتحفة لجامع الفوز بالرضا وسلامة القلب عن الآفات، ولو كانت لا تكون بدون إخلاص من مثل ابراهيم، لكن تتصور من سائر الناس العامة، فبنى الكلام على ذلك، أو الكلام استعارة تمثيلية بأن شبه الهيئة المنتزعة من إخلاص قلبه لربه، ومن علمه تعالى باخلاصه بالهيئة المنتزعة من المجىء بالغائب بمحضر شخص، ومعرفته إياه، وعلمه بأحواله، فمعنى مجيئه ربه بقلبه أنه أخلص قلبه لله عز وجل، وعلم الله ذلك منه، كما يعلم الغائب وأحواله، بحضوره، وحاصل معنى مجيئه حلوله فى مقام الامتثال.