التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي
١٤
فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ
١٥
-الزمر

تيسير التفسير

{ قُل الله أعْبُد } قدم لفظ الجلالة للاهتمام والحض المأمور بهما { مُخلصا لهُ ديني } عبادتى مما يفسدها كالرياء والاشراك، قيل ومن طلب ثواب أو نجاة من النار، فالحال مؤسسة، أو عن عبادة غيره معه، فهى مؤكدة، لأن التقديم أفاد أنه لا يعبد غير الله، ويترك الله ولا يعبد غير الله مع الله، بل الله تعالى وحده نزل ذلك ليظهر التصلب فى دينه لقومه، وليدفع دعاءهم له الى دينهم، وللتمهيد لتهديدهم بقوله تعالى:
{ فاعْبُدوا ما شِئْتم } عبادته { مِنْ دُونه } فأتشفى بما ينزل عليكم من العذاب، أو لينزل عليكم بلام العاقبة منه صلى الله عليه وسلم { قُلْ إنَّ الخاسِرِينَ } كاملى الخسران، وهو اضاعة ما هو كرأس المال وإضاعة فائدته إذ أضاعوا التوحيد، وثمراته، أو أضاعوا أبدانهم وأموالهم وأعوانهم، والعمل الصالح بها، وكان الصواب أن ينتفعُوا بذلك فى الاسلام { الَّذين خَسِروا أنفُسَهم وأهْليهِم } أتباعهم ووردوا معهم النار وما نجوا، وما أنجوهم، وذلك بدخول النار، وبظهور ذلك، ولو قبل دخولها أو أهليهم ما لهم لو آمنُوا من الأزواج والولدان، والمذم فى الجنة أخذها المؤمنون وأخذوا المكان الذى للمؤمنين فى النار لو عصوا، كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما، والحسن، وقتادة، وميمون بن مهران: وليس متبادرا من الآية، وقيل أهليهم من دخل الجنة من أقاربهم وأصحابهم لايمانهم، ويرده أنه لم يفتهم شىء مطلوب لهم بدخول هؤلاء الجنة، والخاسرين هم المخاطبون بقوله عز وجل: فاعبدوا ما شئتم من دونه" فمقتضى الظاهر أنتم تحضرون أنفسكم وأهليكم، فعدل عنه الى الاظهار للتأكيد، أو هم كل خاسر فيدخل فيهم هؤلاء المخاطبون أولا وبالذات.
{ يَوم القيامة ألا } تأكيد { ذلك } البعيد فى السوء، وهو تأكيد كما أكد بالجملة الاسمية { هُو } تأكيد بضمير الفصل { الخُسْران } تأكيد بتعريف الطرفين للحصر، وبفعلان فانه أبلغ من الخسر والخسارة { المُبِين } الظاهر لكل أحد، أو المظهر كون الحق مع النبى صلى الله عليه وسلم، وذلك تأكيد بالظهور أو الاظهار.