التفاسير

< >
عرض

وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٧٥
-الزمر

تيسير التفسير

{ وتَرَى } بعينيك يا محمد، أو أيها الرائى بعينيه { الملائكة حافِّينَ } حال محدقين محيطين بجهات أهل الجنة حف الاكرام بزيد، أحاط به من جوانبه، واستعمال حافين مؤذن بمفرده وهو حاف، وان لم يرد استعمل قياسا { مِنْ حَوْل العَرْش } من للابتداء فحول العرش مبتدأ الحفوف على أهل الجنة يتصور اليهم الحفوف من حول العرش، تقول رأيته وأنا فى دارى من ذلك الجبل، وقال الأخفش: من زائدة فى الاثبات مع المعرفة لجواز ذلك عنده { يُسبِّحونَ بحَمْد ربِّهم } ملابسين لحمد ربهم، والجملة حال ثانية، أو حال من المستتر فى حافين.
روى عن أبى هريرة: بينما نحن وقوف فى المحشر، سمعنا صوتا شديدا فنزل أهل سماء الدنيا ضعف أهل المحشر الجن والانس، ولهم نور يشرق به الموقف، ثم أهل كل سماء ينزلون ضعف الملائكة الذين تحتهم والجن والانس، وكل له نور، وكل يأخذون مصافهم، عن أبى سعيد عنه صلى الله عليه وسلم:
" "إن فى السماء الدنيا آدو تعرض عليه أعمال ذريته، وفى الثانية يوسف، وفى الثالثة يحيى، وعيسى، وفى الرابعة ادريس، وفى الخامسة هارون، وفى السادسة موسى، وفى السابعة ابراهيم" ولعلهم مع أهل سمواتهم، والمشهور أن فى السماء عيسى وادريس، وأن الياس والخضر فى الأرض، الياس موكل بالفيافى، والخضر بالبحار، وجاء الحديث: " "إن الأعمال تعرض يوم الجمعة على الأنبياء والآباء والأمهات، فيتأذون بأعمال السوء، ويفرحون وتشرق وجوههم بأعمال الخير" فاتقوا الله، ولا تأذوا موتاكم.
وتعرض على الله تعالى فى يوم الاثنين ويوم الخميس وهو عالم بها وهؤلاء الملائكة كلهم يقول: سبحان ذى العز والجبروت، سبحان ذى المالك والملكوت، سبحان الحى الذى لا يموت، سبحان الذى يميت الخلائق ولا يموت، سبوح، قدوس، رب الملائكة والروح، سبحان ربنا الأعلى الذى يميت الخلائق ولا يموت، ثم يوحى الله جل جلاله: قد أنصت اليكم منذ خلقتكم الى يومكم هذا، فانصتوا الى، فانما هى أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله تعالى، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه.
{ وقُضِىَ بيْنَهم بالحقِّ } بين العباد بادخال أهل الجنة الجنة، وادخال أهل النار النار، كما أن ضمير يسبحون لهم، وقيل للملائكة بأن يقيم كل واحد فى مرتبته بحسب عمله، فانهم متفاوتون فيه، ولو اجتمعوا فى العصمة والأول أولى.
{ وقيل الحمْدُ لله ربِّ العالمين } على هذا القضاء، أى وقال المؤمنون أو الملائكة والأول أولى، فالحمد الأول على انجاز الوعد، وهذا على القضاء، فلا تكرير ودون هذا، أن الأول على الفصل بين الفريقين بحسب الوعد والوعيد، والثانى للتفصيل بحسب الأبدان
" { فريق في الجنة وفريق في السعير } " [الشورى: 7] وقيل: القائل الحمد لله رب العالمين المؤمنون لظهور حقهم، والكافرون لعدله، واستراحتهم من انتظار الفصل كما يفعله الخصمان الغالب والمغلوب، بعد الخصام عند القاضى أحيانا، وقد قيل: يشتد الموقف على أن الانسان يقول يا رب ارحمنى من موقفى هذا، ولو الى النار، وقيل: يحمده الكل اظهارا للرضا والتسليم، وقيل المراد ختم للأمر، ومن هذا جعلت الكلمة خاتمة المجالس.