التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً
١٠
-النساء

تيسير التفسير

{ إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً } مفعول مطلق، أى أكل ظلم، أو حال، أى مصاحبى ظلم، أو يقدر بالوصف أى ظالمين، لا تعليل أو تمييز كما قيل { إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ } الأكل لا يكون إلا فى البطن، لكن المعنى أن الذين يتلفون أموال اليتامى ظلماً بطعم أو غيره كما لا عطاء، والتضييع ما هم إلا كالطاعم ناراً فى بطنه أو أراد ملء بطونهم، لأن العرب تقول أكل فى بطنه إذا ملاه، وإلا قالوا فى بعض بطنه كقوله:

كُلوا فِى بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا فَإِنَ زَمَانَكُمْ زَمَنٌ خَمِيص

ويناسبه قوله صلى الله عليه وسلم "المؤمن يأكل فى مِعىً واحد، والكافر فى سبعة أمعاء" ، والبطن محتو على سبعة أمعاء وغيرها، يملأ مرات كثيرة سبع فى المعى الواحد، وذكر البطن تأكيد بعد ذكر الأكل، كقوله تعالى: { { يقولون بأفواههم } [آل عمران: 167]، { { ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور } [الحج: 46]، { { يطير بجناحيه } [الأنعام: 38] { نَاراً } موجب نار، أو ما يصير ناراً أو سبب نار، وذلك مجاز بالحذف أو مرسل، وقيل ذلك حقيقة، بمعنى أنهم يأكلون نارا يوم القيامة، تخلق لهم يأكلونها، قال أبو بريدة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يبعث الله قوماً من قبورهم تتأحج أفواههم نارا، فقيل من هم؟ فقيل ألم تر أن الله يقول: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون فى بطونهم ناراً" ، وجاء الأثر أنهم تملأ أفواههم جمراً، فيقال لهم كلوا ما أكلتم فى الدنيا، ثم يدخلون النار الكبرى، وفى حديث الإسراء نظرت إلى قوم لهم مشافر كمشافر الإبل، تجعل فى أفواههم صخر من نار، وتخرج من أسافلهم فى خوار وصياح، وهم الآكلون لإموال اليتامى ظلما { وَسَيَصْلُوْنَ } يدخلون، وقيل أصل الصلى القرب من النار وأَن استعماله فى دخولها مجاز { سَعِيراً } نار مسعورة، أى موقدة وملهبة، قيل نزلت الآية فى رجل من غطفان اسمه مرثد بن زيد أكل مال ابن أخ له يتيم فامتنعوا من خلطة مال اليتامى فنزل، وإن تخالطوهم إلخ.