التفاسير

< >
عرض

لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً
١٤٨
-النساء

تيسير التفسير

{ لاَ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ } لا يرضى من أحد { بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ }معاقبه للآخر { إلاّ مَن ظلِمَ } استثناء من أحد المقدر، كذا يقال، والأولى أنه من الجهر على حذف المضاف، أى إلا جهر من ظلم، أو لا يحب الله صاحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم، أو منقطع، أى لكن من ظلم له الجهر به، والمراد بالجهر هنا إسماع الأذن، لأنك إذ سمعتك أذنك سمعك الملك ومن معك من الجن، وهذا كما قال أبو هريرة، إن الجهر فى الصلاة إسماع الأذن، وقد يقال الجهر هنا إسماع غيرك، وعلى كل حال المراد ما شمل خفض الصوت، وقيل المراد رفع الصوت، ولكن خفضه لا يحبه الله أيضاً، إلا أنه دون الجهر فى الذنب، وذلك دعاء على الظالم وتظلم منه، ويخبر بذلك، بأن يقول، هو فاسق، يأخذ مالى، أو يضرنى، أو نحو ذلك مما فعله به، خلص الله حقى منه، أو اللهم جازه، وإن قال له يا زانى فلا يقول له: يا زانى، وأجازه الحسن، وهو سهو، وإن قال له: يا مشرك، فقيل، لا يقله له، ومن قال الحاكم على المؤمن بالشرك مشرك أجاز له الرد به، وإن قال له الزانى عنده يا زانى، قال له، إن شاء، يا زانى، إن كان لا يسمع أحدا، أو يسمع من علم بزناه، ولا يدع عليه بما هو أكثر من حقه، أو بما يتعدى إلى ولده، ولا بسوء الخاتمة أو الفتنة فى الدين، فبعض منعه مطلقا، وبعض أجازه إن كان ظالما متمردا، وأجازه أصحابنا مطلقا فى صاحب الكبيرة لله لا انتقاما، وكذلك الإسرار بالسوء من القول لا يحبه الله إلا من ظلم، إلا أنه خص الجهر لأنه أفحش ولأنه سبب النزول، وهو أن رجلا أضاف قوما فلم يحسنوا ضيافته، ولما خرج تكلم فيهم جهراً، فنهاه الله، وأمثاله، لأنهم لم يظلموه، وروى أنها نزلت فى أبى بكر رضى الله عنه، إذ شتمه رجل مرارا، والنبى صلى الله عليه وسلم حاضر، وسكت أبو بكر، ثم رد عليه، فقام النبى صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر، يا رسول الله، شتمنى، ولم تقل شيئا حتى إذا رددت عليه قمت، قال: "إن ملكا كان يجيب عنك فلما رددت عليه ذهب الملك وجاء الشيطان، فقمت" ، فأساغ الله عز وجل لأبى بكر جهره بالسوء لشاتمه ذلك، لأنه مظلموم { وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً } بقول الظالم والمظلوم وغيرهما { عليماً } بما يفعل كل فاعل.