التفاسير

< >
عرض

وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً
٢٠
-النساء

تيسير التفسير

{ وَإن أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ } أخذ { زوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ } تطلقونها { وَءَاتَيْتُمْ } والحال أنه قد آتيتم أو عطف سابق على لاحق { إحْداهُنَّ } هى الأولى المطلقة { قِنْطَاراً } على رسم الصداق، فكيف القليل، والمراد بالإيتاء شغل الذمة بالقنطار، سواء أخذته المرأة أم لم تأخذه { فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً } لا تسقطوا مما فى ذمتكم لهن شيئاً ما ولو قليلا، ولا تستردوا منهن شيئاً إن وصلهن { أَتَأخُذُونَهُ } أى الشىء، توبيخ وإنكار، لأن يصح ذلك شرعاً أو عقلا { بُهْتاناً وَإثْماً مُّبِيناً } باهتين وآثمين إثماً مبيناً، أو ذوى بهتان وإثم مبين، أو لأجل البهتان والإثم المبين، والمفعول له لا يلزم أن يكون غرضاً مطلوباً من الفعل، لجواز قولك قعد عن الحرب حيناً، بإنه ليس المعنى أنه قعد عنها ليحصل له الجبن، فكذا البهت والإثم ليسا غرضين للأخذ، فإن العلة تكون غاثية وتكون باعثة، والآية من الثانية، وأصل البهت الكذب على الغير حتى يكون متحيراً باهتاً، ثم استعمل فى كل باطل، فعل أو قول يتحير من بطلانه، وفى الآية جواز المغالاة في الصداق، كما قال عمر رضي الله عنه على المنبر: لا تغالوا في المهور، لو كانت المغالاة فيها مكرمة فى الدنيا أو تقوى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاكم بها، وما زوج ولا تزوج بأكثر من اثنتى عشرة أوقية، فقالت امرأة من قريش: لِمَ تمنعنا حقنا يا أمير المؤمنين والله يقول وآتيتم أحداهن قنطاراً؟ فقال: كل الناس أفقه منك يا عمر حتى النساء ورجع، وأجاز القنطار، وقال لأصحابه تسمعوننى قول مثل هذا فلا تنكرونه علىّ حتى ترد علىّ امرأة ليست من أعلم النساء، ولا يعترض بقوله تعالى: { { لو كان فيهما آلهة } [الأنبياء: 22] فإن امتناع تعدد الآلهة لدليل خارج، ولا دليل على امتناع القنطار صداقا، واخد الصداق حرام، أراد تزوج أخرى، أو لم يرد، ولكن ذكره فى معرض إرادة تزوج الأخرى لأن إرادته تزوج أخرى يدعوه إلى استرداد المال ليصرفه في الأخرى، وقد كان الرجل إذا أراد جديدة بهت التي تحته حتى يلجئها إلى افتدائها بما أعطاها، فيتزوج به الجديدة، فنهوا عن ذلك، وانظر إلى اتضاع عمر رضى الله عنه واحتياطه يصيب، ويجعل نفسه كالمخطىء، لأن نهيه عن مغالاة المهور حق جاء به الحديث، والآية مغرية بالقنطار ولا مسوية له مع التوسط، وإنما هى تمثيل للكثرة.