التفاسير

< >
عرض

لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً
٧
-النساء

تيسير التفسير

{ لِلّرِّجَالِ } للذكور، بلغا أو أطفالا أولاد أو غير أولاد { نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ } من المال { وَلِلِنّسَآءُ } الإناث، بلغا أو غير بلغ أولادا أو غير أولاد { نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ } لم يقل الرجال والنساء نصيب، بل خصهن بكلام مستقل لتأكيد أمرهن، وأصالتهن فى الإرث وتأكيد إبطال أمر الجاهلية فى حرمانهن، ولا ذكر للأزواج هنا، بل أدخلهم الله فى خلال إرث القرابة { مِمَّا } بدل من مما، ولا يضر اتفاقهما، للتخالف بما بعدهما، واللفظ متفق ولو بدون من، ويجوز كونه حالا من هاء ترك المحذوفة { قَلَّ مِنْهُ } أى مما ترك { أَوْ كَثُرَ } منه لا يختص وارث ببعض، كرمح، وآلة فرس لرجل، وكخمار لامرأة وقبح الله الإمامية، إذ خصوا الابن الكبير بالفرس وآلته، والسيف، والمصحق، والخاتم، والثوب البدنى من تركة الميت بلا عوض عند أكثرهم، وهو مخالف لكلام الله تعالى، كعدم توريث النساء من العقار { نَصِيباً مَّفْرُوضاً } نصبه الله، نصيباً مفروضاً، وهو تأكيد لما قبله على أنه مصدر، أو حل كونه نصيباً مفروضاً، وصاحب الحال نصيب الأول، أو حال من ضميره فى مما، أو من الضمير فى قل أو كثر، أو من المستتر فىالرجال، أو أعنى نصيباً أو بمعنى عطاء، أو استحقاقاً، أى أعطوهم عطاء أو استحقاقاً، أو أوجب نصيباً، ودلت الآية أن التركة داخلة فى ملك الوارث بلا قبول ولو انتفى منها، فإن أراد أخرجها من ملكه لمن يقبلها منه، أو لوجه آخر، إلا ما أوصى به الميت فلمن أوصى له به، ولكن له أيضاً أن يعطيه قيمته إن قال، أعطوه كذا قضاء لكذا درهما، أو أنفذوا منه كذا، وإن كانت حراماً أو شبهة انتفى منها، وهذه الآية مبدأ للإرث إجمالا للتدريج عما ألفوه فى الجاهلية من ميراث على وجه مخالف للحق، ومن المنع لمن يستحق ولو غير عليهم دفعة لاشتد عليهم الأمر، وكانوا لا يورثون النساء والأطفال الضعفاء بمرض أو غيره، وكل من لا يقاتل عن الحوزة ويجلب الغنيمة، فنزلهم عن ذلك تدريجاً بإجمال كما رأيت، للرجال نصيب وللنساء نصيب، ثم تفصيلا كما تتلوه، وكما روى أن أوس بن ثابت أخا حسان أو أوس ابن الصامت بن عبادة، والأول أصح، وكلاهما من الأنصار، استشهد بأحد، وخلف زوجه، أم كحة بضم الكاف وشد الحاء المهملة، وثلاث بنات، وأما ابن الصامت فمات فى خلافة عثمان فأخذ ابنا عم أوس بن ثابت سويد وعرفطة أو هما قتادة وعرفجة ماله كله، فجاءت أم كحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الفضيخ، فشكت إليه، أنهما ما دفعا إلىَّ شيئاً ولا إلى بناته، وهن فى حجرى، وما عندى ما أنفق عليهن، "فقال ارجعى حتى أنظر ما يحدث الله، وقالا: يا رسول الله أولادهما لا يركبن فرساً، ولا يحملن كلا، ولا ينكين عدوا، فنزلت، فبعث إليهما لا تفرقا من مال أوس شيئاً، فإن الله قد جعل للبنات نصيباً" ، ولم يبين حتى يبين، ثم نزل، يوصيكم الله فى أولادكم الآية، فأعطى أم كحة الثمن البنات الثلثين، والباقى إبني العم، وفى الآية تأخير البيان عن وقت الخطاب، لكن لم يمض ما يفوت به الأمر فليس تأخيراً عن وقت الحاجة، والفرض والواجب مترادفان فى المطلوب طلباً جازما، سواء بقطعى مثل قوله تعالى: { { فاقرأوا ما تيسر } [المزمل: 20]، أو بظنى كخبر الآحاد كقوله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" ، ومفهوم الوجوب الثبوت ومفهوم الفرض التوقيت والحز والقطع.