التفاسير

< >
عرض

وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً
٩
-النساء

تيسير التفسير

{ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا } قاربوا الترك بقرب موتهم، كالمحتضر، لأنهم لو ماتوا وتركوا لم يخشوا إلا أنه قد يكون إعتناء الميت من الآخرة على ولده، أو كأنه قيل: لو علموا أنهم يتركون، ولو قيل الاحتضار ونحوه من أمارات الموت { مِنْ خَلْفِهِمْ } بعد موتهم { ذُرِّيَّةً ضِعَافَا } بالطفولية أو الجنون أو المرض، { خَافُوا عَلَيْهِمْ } من الضياع، وذلك أمر للورثة بالشفقة على من حضر القسمة فيعطوهم، كما يشفقون على أولادهم مثلا، وأمر للأوصياء بأن يفعلوا فى نحو يتامى غيرهم ما يحبون أن يفعل فى نحو يتاماهم غيرهم، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن العبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ، فمن لا يحب الجوع والعُرْىَ لأولاده فكيف يحبهما لأولاد غيره، وأمر لحاضرى المريض عند الإيصاء أن يخشوا الله ويشفقوا على أولاده، وسائر الورثة أن يضرهم بصرفه المال إلى غيرهم، كما يشفقون على أولادهم، وفى الآية نهى للذين يجلسون إلى المريض فيقولون: إن أولادك لا يغنون عنك شيئا، فيجحف ماله بالوصايا، والصواب أن يأمروهم بأداء الفرض وبما تيسر معه، وقيل أمر للمؤمنين أن لا يسرفوا فى الوصية، وقد استحب السلف أن لا تبلغ الثلث، ويقولون الخمس أفضل من الربع، والربع أفضل من الثلث، وقد جاء الحديث: "لأن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" ، وما تركه الميت صدقة على ورثته { فَلْيَتَّقُوا اللهَ } تقريع على ما قبل، أمرهم بالتقوى أولا وآخراً تعميما، ولأن الأولى لا تنفع بدون الأخرى، فالاتقاء ثمرة الخشية، أعنى أنها توصل إلى الاتقاء، فهو غايتها { وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً } لنحو اليتامى كما يقولون لأولادهم بالشفقة وحسن الأدب، أو ليقولوا قولا سديداً للمريض بما يصده عن السرف فى الوصية أو الخيانة، كما يوصى لوارث فى حق له بأكثر منه أو لغيره بأكثر من الثلث، موهماً أنه تباعة، وبتذكير التوبة والإيصار بالتباعات، وبكلمة الشهادة أو يحسنوا القول لحاضر القسمة، والسداد بالفتح الاستقامة، والصواب والعدل، وأما الكفاية فيقول فيها بالفتح والكسر والكسر أفصح.