التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٨٣
-غافر

تيسير التفسير

{ فلمَّا جاءتهمْ رسُلُهم بالبينات } الآيات المتلوة والمعجزات { فرحُوا بما عنْدهم من العِلْم } معنى فرحوا استغنوا لعلاقة اللزوم والسببية، فان الفرح بالشىء سبب وملزوم للاستغناء به عما لم يفرح به، أو فرحوابما عندهم من العلم بعد أن قابلوه بما جاءت به الرسل، فوجدوه أفضل مما جاءت به على زعمهم، وذلك أما عقائدهم وشبههم فى المبدأ أو المعاد، أو أحوال الآخرة، وتسميتها علما باعتبار زعمهم وتهكما، واما علم الفلاسفة واليونان الدهريين، يحتقرون علم الأنبياء الى علمهم.
قيل لسقراط: آيات موسى عليه السلام تهذبك بالشرع، فقال: نحن قوم مهذبون لا نحتاج الى مهذب، وهو مطابق للواقع، لأن فيه الاستغناء عما جاءت به الرسل، وأمّا الجهل فسماه علما تهكما، قيل: ولاغتباطهم به وضع فرحوا الخ موضع لم يفرحوا بما جاءت به الرسل، وهذا ضعيف جدا لا دليل عليه، وفيه تخليط بالتعبير عن الجملة المثبتة بالجملة المنفية بلا دليل، والضمير فى فرحوا وعندهم للكفار،وإما أن يجعل الواو للكفار، والهاء للرسل، فرح للكفار فرح ضحك بعلم الرسل، وفيه أنه لا دليل على أن الفرح الضحك، وقوله تعالى:
{ وحاق بهِم ما كانُوا به يستهزئون } أى أحاط بهم عقاب ما كانوا يستهزئون به من الوحى، أى العقاب الذى استحقوه لاستهزائهم به، لا يكون دليلا لهذا الوجه الأخير، بل صالح للوجوه كلها، وإما أن يجعل الواو والهاء للرسل، أى فرح الرسل بعلمهم لنجاتهم به لما رأوه الكفرة هلكوا بتكذيبهم به، وفيه تفكيك الضمائر إذ أن الهاء فى جاءتهم للكفرة لا للرسل، وإما أن الضميرين للكفار فى فرحوا بما عندهم من العلم، والعلم علمهم بأمر الدنيا، والمستغنون هم به عن علم الوحى، وهذا هو الراجح كقوله تعالى:
" { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } " [الروم: 7].