التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٧
-فصلت

تيسير التفسير

{ وأمَّا ثَمود فهَديْناهم } بينا لهم طريق الهدى وطريق الضلال، ونصبنا لهم الأدلة، وأمرناهم بالهدى، واختاروا الضلال كما قال { فاستَحبُّوا العَمَى } أى الضلال، استعار له اسم العمى لجامع عدم الاهتداء الى المقصود بالذات { عَلى الهُدى } عدى استحب بعلى لما فى استحباب الشىء من تغليبه على غيره، واعلائه عليه، وقيل خلق الاهتداء فيهم فاهتدوا ثم كفروا، واستدل المعتزلة بالآية على أن العبد مستقل بالايمان عن الله، لأنه قال بينا لهم فاختاروا بأنفسهم العمى، وهو خطأ فاحش، والأشياء كلها مستأنفة من الله، ولا استقلال لشىء ما بشىء، ولا دلالة لهم فى الآية، فان قدرة الله هى المؤثرة بلا إجبار، وللعبد قدرة مقارنة لقدرته تعالى مخلوقة له تعالى أيضا بلا إجبار، ألا ترى أنك حين إرادة المعصية قادر على تركها، والمحبة ضرورية، وإنما الاختيار لمقدماتها، وكذا البغض ضرورى، والاختيار لمقدماته، ومعنى تكليفنا لمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، إلزام مقدماتها.
{ فأخذَتْهم صاعقة العَذاب } صحية العذاب، أو نار العذاب من السحاب، أو نار العذاب مصاحب للصيحة، سبحان من ينزل النار من الماء، فالصرصرة الصوت الشديد، ففى تلك الريح نار، وان فسرناها بالبرد لم يمتنع أن تكون حارة يعقبها البرد، أو باردة يعقبها الحر، واضافة صاعقة للعذاب للمبالغة، كما بالغ بوصف العذاب بقوله: { الهُونِ } كأنه نفس الهون، أى الذل كان عذابهم نفس الهون وان صاعقة، أو يقدر مصاحب الهون أو هو بدل { بمَا كانُوا يكْسِبون } يكسبونه من اختيار الضلال على الهدى بالاشراك وتوابعه من المعاصى، وهذه سببية مؤكدة للسببية بالفاء.