التفاسير

< >
عرض

وَمَا تَفَرَّقُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بِيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُورِثُواْ ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ
١٤
-الشورى

تيسير التفسير

{ وما تفرقوا } أى أمم الأنبياء بعدهم منذ بعث نوح فى أمر دينهم فى وقت من الأوقات، أو حال من الأحوال، ولا يصح ما قيل: إن الواو لأعقاب من سفينة نوح، وقيل: لأهل الكتاب تفرقوا حسدا له صلى الله عليه وسلم، كقوله تعالى: " { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جائتهم البينة } "[البينة: 4] و { الذين أورثوا الكتاب من بعدهم } مشركو مكة، والكتاب القرآن، وقبل الواو ولقريش، وهم المشركون الذين كبر عليهم ما يدعوهم اليه، كانوا يتمنون نبيا منهم، فلما جاءهم كفروا به.
{ إلا مِنْ بَعْد ما جاءهم العِلْم } من الله فى أمر دينهم على ألسنة أنبيائهم، فلا عذر لهم، والمراد كل أمة اختلف فيما بينهما، أو بعد العلم، كذلك بأن التفرق حرام متوعد عليه، والأولى أولى، وجاء مجاز عن حصل لجامع مطلق الحضور، أو حقيقة، والتجوز فى العلم ان عبر به عن سببه وهو الأنبياء، أو كلاهما حقيق، والتجوز فى الاسناد أو يقدر مضاف أى أهل العلم، وهم الأنبياء أو خلائفهم { بَغْياً } على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى غيره { بيْنَهم } نعت بغيا، أو متعلق به، والبغى الظلم، أو الطلب للرياسة، والأول أولى، إذلا دليل على الرياسة، والبغى متضمن لها.
{ ولولا كلمةٌ سَبقت من ربِّكَ } وعد بأن لا يعاجلهم بالعذاب { إلى أجل مُسمى } يوم القيامة، أو تمام أعمارهم { لَقُضيَ بيْنَهُم } بتعذيب من فرقته بمخالفة للمحق تعذيب استئصال، والمراد لقضى بينهم كلهم، فلا يشكل بمن أهلك كعاد وثمود، أو المراد لقضى عقب تفرقهم ولم يؤخروا أعواما { وإن الذين أورثُوا الكتابَ } علمهم الله التوراة والانجيل والزبور، فأل للجنس، والايراث إيراث تعليم قبل النبى صلى الله عليه وسلم، مع الحياة الى رسالته، أو فى حياته لا إيراث وحى { مِن بعْدهم } بعد أسلافهم الأموات، أو بعد الأمم، أو بعد الأنبياء السابقة، وهم أيضا من أواخرهم، فالمراد الذين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآية كقوله تعالى:
" { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } " [البينة: 4] { لَفِي شكُ مِنهُ } من الكتاب الذى أوتوه، أو من محمد صلى الله عليه وسلم { مُريب } موقع لهم فى الاضطراب، فهم ولو آمنوا به غير مؤمنين به حق الايمان، ويدل لذلك أنهم حرفوه، أو موقع لأعقابهم فى الريبة.