التفاسير

< >
عرض

أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٢١
تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ
٢٢
-الشورى

تيسير التفسير

{ أم لَهُم شركاء شَرعُوا لهُم من الدين مَا لم يأذَن بهِ الله } بل ألهم شركاء فى الكفر، وهم الشياطين، شرعوا لهؤلاء الكفرة من قومك ما لم يأمر الله تعالى به عبادة من الدين، فأم منقطعة بمعنى بل الانتقالية عما قبل من قوله: " { من كان يريد } " [الشورى: 20] إلخ وهمزة الانكار للياقة، شرع ما لم يأذن به الله تعالى، أو للتقرير، أى أقروا بما عندكم فى ذلك، هل كان، أو الشركاء الاصنام، واسناد الشرع اليها لأنها سبب ضلالهم، كقوله تعالى: " { رب إنهن أضللن كثيرا من الناس } " [إبراهيم: 36] توصلوا بسبب عبادتها الى جعل البحيرة والوصيلة والحامى، شرعوا ذلك وغيره، مما يجر اليه عبادتها، وأما عبادتها فنفس ضلال لا سبب للضلال، نعم نحتها أو شراءها سبب للضلال الذى هو عبادتها وغيرها، كتقربهم بعبادتها الى الله عز وجل، نعم أيضا عبادتها سبب تسميتهم كالين.
{ ولَولا كلمة الفَصل } الوعد بالتأخير الى قيام الساعة أو اتمام أعمارهم، أو الفصل البيان كما هو تفسير فى قوله تعالى:
" { هذا يوم الفصل } " [الصافات: 21، المرسلات: 38] الخ { لقُضِي بيْنَهم } بين المؤمنين والكفرة فى الدنيا، أو حين افترقوا بلا تأخير، وقيل: الضمير للكفرة وشركائهم من الشياطين، أو من الأصنام { وإن الظالمين } المحدث عنهم أظهر ليشنع عليهم باسم الظلم والإضلال أو الظالمين عموما، ويدخل المحدث عنهم أولا { لهُم عَذابٌ أليمٌ } فى الآخرة، أو فيها وفى الدنيا بالأسر والقتل والسَّبْى { تَرى } يا محمد، أو يا من يصلح للرؤية، وهذا أشنع عليهم كالصريح بالافتضاح لكل أحد { الظالمينَ مُشْفقين } خائفين خوفا شديدا، قال بعض المحققين الاشفاق عناية مختلطة بخوف وإن عدى بعلى فمعنى العناية أظهر، والمراد بالظلم هنا وفيما مر ظلم النفس بالذنوب، ومنها ظلم الغير، أو لم يكن أو الظلم نقص الحق، كذلك حق الله أو مع حق غيره { ممَّا كَسبُوا } من المعاصى أن يذكر لهم أو يحضر فى صحيفة أو من جزاء ما كسبوا بتقدير مضاف، أو ما كسبوا هو الجزاء، سمى باسم سببه، وهذان أنسب بقوله عز وجل: { وهُو واقعٌ بهِم } وعلى الأول يكون المعنى أن ذكره أو احضاره فى صحيفة، واقع، والباء للإلصاق، أى لاحق بهم، أو بمعنى على، ولو كان مجازا لأن لفظ وقع يناسبه، ومن للابتداء، وقال بعض المحققين للتعليل، وهو أدخل فى الوعيد، ومعنى واقع أنه حصل لهم لتنزيل ما لا بد منه منزلة ما وقع، والجملة حال من المستتر فى مشفقين مقدرة، لأنهم لم يقع بهم حال الاشفاق بل بعد.
{ والذينَ آمنُوا وعمِلوا الصالحات في رَوْضات الجنات } أى مياهها الماكث مع الشجر، وظرفيتها لهم مجاز بالاستعارة، لأنهم ليسوا فى الماء والشجر، بل عندهما أو روضاتها كناية عن أطيب البقاع وأنزهها ومحاسنها وملاذها، وفى الجنة مواضع غير الروضات هن لمن دون ذلك فى العمل { لَهُم ما يشاءُونَ } من الملاذ { عنْدَ ربِّهم } يتعلق بلهم لنيابته عن ثابت، أو ثبت أو بثابت أو ثبت، ويضعف تعليقه بيشاء، كأنه قيل ما يشاءونه من عند ربهم، يحصل لهم، ويجوز أن يكون خبراً ثانياً أو حالا من الواو، أو من هاء لهم، وكل ما خطر ببال أهل الجنة يحصل لهم فى الحين، حتى انه لتجتمع الجماعة فتكون عليهم سحابة فتقول: ما تحبون أن أمطر عليكم، فما سمى أحد شيئا إلا أمطرته، ويقول القائل أمطرى علينا كواعب أترابا فتمطرهن { ذلك } المذكور الأعلى شأنا للمؤمنين { هُو الفَضْل الكَبِير } غاية الكبر الذى يصغر عنده غاية الصغر، كل ما سواه.