التفاسير

< >
عرض

أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ
١٦
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ
١٧
-الزخرف

تيسير التفسير

{ أم اتَّخذَ مِمَّا يخْلقُ بنات } بل أأتخذ بالاضراب الانتقالى { وأصْفاكمْ } اختاركم { بالبَنين } روى أنه صلى الله عليه وسلم اذا قرأ الآية قال: "لا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد" والعطف على اتخذ فهو داخل فى الاضراب والانكار، ومعنى اختيارهم بالبنين أنه أعطاهم البنين، ولم يجعلها لنفسه، بل جعل لنفسه البنات، والا فقد أعطاهم أيضا البنات، ونكرت البنات، وعرف البنين لحقارتهن وفخامتهم، وخطابهم بعد اغتيابهم تشديد للانكار، وذلك من فنون الكلام، تعرض عن الانسان وتحتقره، أو تيأس منه فتغتابه وتريد مزيد التغليظ عليه، فتخاطبه، كما اغتابهم بعد هذا الخطاب فى قوله:
{ وإذا بُشِّر أحدُهُم بما ضَربَ للرَّحْمن مَثَلاً ظلَّ وجْهُه مُسودّاً وهُوَ كَظِيمٌ } ايذاناً بأن قبائحهم اقتضت أن يعرض عنهم كيف يضيفون الى الله، وهو لا جنس له جنسا تسود وجوههم به، ويملئون غيظا وحزنا اذا ولد لهم وهو الأنثى، وذلك كالأمر الغريب المضروب مثلا، وجملة { هو كظيم } حال من الهاء، أو من وجه، أو عن المستتر فى مسودا وكظيم، بمعنى مكظوم، أى مملوء بالهم، كما مر، روى أن اعرابيا اسمه أبو حمزة هاجر بيته، ومكث فى بيت جاره لما ولدت زوجه أنثى فقالت:

ما لأبى حمزة لا يأتينا يظل فى البيت الذى يلينا
غضبان أن لا نلد البنينا ليس لنا من أمرنا ما شئنا
وإنما نأخذ ما أعطينا

ولفظ آخر:

وإنما نلد ما أعطينا

وأن بفتح الهمز على تقديم لام التعليل، ويروى:

غضبان إن لم نلد البنينا

ومثل هذا قول الشيخ درويشرحمه الله تعالى: ان ولدت زوجك أنثى فارض بها، ولا تلمها، لأن تدبير النسل ليس لها، وإنما هى بمنزلة الوعاء يضم ما يحط فيه، ولا قدرة له على تبديله.