التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ
٢٦
إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ
٢٧
-الزخرف

تيسير التفسير

{ وإذ قال إبراهِيمُ } واذكر لقومك، لعلهم يقتدون بأبيهم الذى هو أحق بالاقتداء، إذ قال ابراهيم { لأبيه } آزر المكذب له { وقومِهِ } وهم مكذبون له { إنَّني براءٌ } مصدر يستعمل بمعنى الوصف كعدل، كما قرأ الأعمش برىء ككريم { ممَّا تعبْدون } تقليدا بلا حجة { إلاَّ الذي فطرني } ذلك كقوله تعالى: " { فإنهم عدو لي إلاَّ رب العالمين * الذي خلقني } " [الشعراء: 77 - 78] الخ والاستثناء منقطع، وما واقعة على الأصنام موصولة، أو نكره موصوفة بتعبدون، وعلى فرض أنهم يعبدون الله وغيره، واستعملت ما للعالم وغيره مجازا، وقيل حقيقة يكون متصلا، قيل أو منقطعا، باعتبار أن عبادته غير عبادة لشركهم، فكأنهم لم يعبروا عنه وعنهم بما، بل عنهم فقط ولا يصح.
وإن اعتبرنا معنى النفى كما يعتبر بأبى، جاز كون الذى بدلا من ما كما تقول: أبيت أن أكرم أحدا إلا زيدا، ويجوز كون إلا مدخولها نعتا لما، كقوله تعالى:
" { لو كان فيهما آلهة إلاَّ الله } "[الأنبياء: 22] أى براء من آلهة معبدوة لكم غير الله، وأما على أن ما موصولة فلا، لأن غير الله نكرة، والموصول معرفة، ولو أجزنا نعت المعرفة بإلا ومدخولها { فإنَّه سَيَهْدين } بعد بمعنى سيزيدنى هداية بعد بما يوحى الى بعد، وبما يوفقنى اليه من العلم والعبادة، فالسين على أصلها الزيادة الفائدة على ما فى قوله تعالى فى سورة أخرى: { يهدين } [الشعراء: 78] بلا سين، وزيادة هذه الفائدة أولى من زيادة التأكيد اذا جعلناها للاستقبال، بمعنى تأكيد دوامه على الهدى، فيكون يهدين بمعنى يثبتنى على الهدى.