التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
٦٣
-الزخرف

تيسير التفسير

{ ولمَّا جاء عِيسَى بالبينَّات } المتلوة وهى الانجيل والشرائع والمعجزات { قال قد جِئتُكم بالحِكْمَةِ } هى البينات بمعناها المذكور، وفسرها بعض بالانجيل، على أن البينات غيره أو على أنها الانجيل، فانه من حيث البيان بينات، ومن حيث انه صواب لائق نافع هو حكمة، وفسر السدى الحكمة بالنبوة، وبعض أنها قضايا يحكم بها العقل، وبعض بالموعظة { ولأبيِّن لَكُم } لو أسقطت الواو لتعلق بجئتكم، وكان جزءاً مما قبله، ولكن ذكرت على طريق الاعتناء بهذا التبيين، حتى يكون من كلام مستقل هكذا، وجئتكم لأبين لكم، أو لأعملكم إياها، أى الحكمة، ولأبين لكم { بَعْض الذي تخْتلفون فيه } هو أمور الديانات التى يخلفون فيها الحق، أو يخالف بعضهم بعضا فيها، والبعض الآخر لم أرسل به، بل فوض الى تجربتكم واصطلاحكم كالحرث وما يصلح به أو يفسد، وتأبير النخل، كما أمرهم صلى الله عليه وسلم بتركه فلم تصلح الثمار فقال لهم: " أنتم أعلم بمصالح دنياكم" .
وكالقمر يبدوا صغيرا ثم ينموا فيفهم الناس أنه يستمد الضوء من الشمس، فلا يزال يزداد أجزاء مقابلة لها بزيادة البعد، واستضاءة حتى يكمل، ثم لا يزال يزداد قرب منها، وعدم مقابلة ونقصا حتى ينقضى، وبعض الأهلة يطلع كثيرا الضوء لكونه بالأمس فى آخر منزلته، فازداد بعدا فازداد نورا، وليس ذلك لازما لاحتمال أن يكون وجه منه مضيئا دائما منكوسا، فكل ليلة يرتفع منه جزء مضىء حتى ينقلب كله، فيظهر كله، فلا يزل ينكس الى أن يتم النكس، ثم لا يزال يظهر منه بعضه مضيئا، فان الرسل لم تبعث لبيان ذلك أو البعض الآخر من الدين أيضا، بأن لم ينزل، ولكن فوض الى القياس الى نظيره، والاجتهاد، وقد تنازعوا فيه على أن لغير هذه الآمة اجتهادا وقيل: الذى يبيته لهم هو تحليل الابل، وشموع الحيوانات المحللة، وعيد السمك يوم السبت، والبعض الآخر باق على ما فى التوراة التى لم تحرف، وقيل: يبين لهم ما حرفوا من التوراة وقيل: يبين لهم أمر التحزب فى شأنه { فاتقوا الله } احذورا عقابه فانه ينزل عليكم بمخالفتى { وأطيعُون } فى أمرى ونهيى لكم.